معلوماً كان أو مظنوناً أو مشكوكاً أو موهوماً. ولذا يحكم بوجوب الاجتناب عن سائر أطراف الشبهة المحصورة ، فإنّ ترك الاجتناب لا يستلزم الوقوع في المحرّم دائماً ، ومع ذلك حكم بوجوب الاجتناب دائماً دفعاً للضرر الأُخروي المحتمل. وأمّا إذا كان الضرر دنيويّاً فلا يحكم بوجوب التجنّب عنه معلوماً كان أو مظنوناً أو مشكوكاً أو موهوماً. وأمّا إذا كان احتمال الضرر الأُخروي في غاية الضعف بحيث يُطمَأَنُّ بخلافه فالعقل لا يحكم بوجوب تجنّبه ؛ ولذا لم يحكم بوجوب الاحتراز عن الشبهة غير المحصورة.
فعلم أنّه إذا كان بعض الشكوك ممّا لا يبتلى به إلّا نادراً لم يجب تعلّم حكمه وإنْ أدّى تركه إلى احتمال الوقوع في الضرر بالإبطال ؛ لأنّه لغاية ضعفه لا يعتدّ به عند العقلاء كاحتمال الوقوع في المحرّم في الشبهة غير المحصورة.
فتلخّص أنّ أحكام الشكوك إنْ كانت محلّاً للابتلاء وجب تعلّمها ، فإنْ لم يتعلّمها كان مدار العقاب على الوقوع في الإبطال ، فإنْ لم يؤدِّ إليه فلا شيء عليه ، كما هو مقتضى الوجوب التوصّلي ، سواء لم يعرض له الشكّ أصلاً ، أو عرض له لكن حكمه البطلان ولا علاج له كالشكّ في المغرب ، إذ البطلان لم يستند إلى ترك التعلّم كما إذا لم يجتنب عن الشبهة المحصورة لكن صادف عدم الوقوع في المحرّم ، إلّا إنّه يحرم للتجري على ترك التعلّم هنا وعلى ارتكاب الشبهة في المحصورة مع فرض حكم العقل بوجوب التعلّم واجتناب الشبهة ، وليست الحرمة ذاتيّة كما في الوجوب النفسي أو الشرطي.
إلّا إنّه يشكل صحّة الدخول في العمل مع جهله لبعض أحكام مشكوكه لاحتماله عروض الشكّ له في الأثناء احتمالاً معتدّاً به فلا يسلم له العمل ، فيكون دخوله فيه متزلزلاً مع اعتبار الجزم أو الاطمئنان بسلامة العمل الذي يأتي به ، وإلّا لم يجز له الدخول ، ولا يجوز التعويل في ذلك على أصالة عدم عروض الشكّ ؛ لعدم إجرائها في الأُمور المستقبلة إذا كانت كثيرة الوقوع ؛ لاستلزام ذلك الوقوع في المحذور