إذا شئت (١) رحمك الله ، قال : فخرجت وأنا مسرور بما كشف الله عني من اللبس ، فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو متكئ وبين يديه حنطة مقلوّة [يعبث (٢)] بها ، وقد كان الشيطان أوقع في خَلَدي أنه لا ينبغي ان يأكلوا ولا يشربوا! فقال : اجلس يا فتح ، فإن لنا بالرسل أُسوة ، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق ، وكلّ جسم يتغذّى إلاّ خالق الأجسام ، الواحد الأحد ، منشئ الأشياء ، ومجسّم الأجسام ، وهو السميع العليم ، تبارك الله عمّا يقول الظالمون ، وعلا علوّاً كبيراً ، ثم قال : إذا شئت رحمك الله (٣).
ورواه الصدوق في التوحيد : عن علي بن أحمد الدقاق ، عن محمّد ابن جعفر الأسدي (٤) ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن بن بردة ، عن العباس بن عمرو الفقيمي ، عن أبي القاسم إبراهيم بن محمّد العلوي ، عن فتح بن يزيد الجرجاني ، قال : لقيته عليهالسلام على الطريق عند منصرفي من مكّة إلى خراسان ، وهو سائر إلى العراق ، فسمعته يقول : من اتقى الله. وساق الخبر مع زيادة واختلاف. إلى أن قال : قلت : جعلتُ فداك قد بقيت مسألة ، قال : هات لله أبوك. إلى أن قال : فقمت لأقبّل يده ورجله فأدنى رأسه ، فقبّلت وجهه ورأسه ، فخرجت وبي من السرور والفرح ما أعجز عن وصفه لما تبيّنت من الخير والحظ (٥).
__________________
(١) في الأصل تحت الكلمة ـ : (أي : إن تنصرف فانصرف)
(٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر ، لم ترد في الأصل والحجرية.
(٣) إثبات الوصيّة : ١٩٨ ٢٠٠.
(٤) في المصدر : (محمد بن أبي عبد الله الكوفي) ، وهو متحد مع (محمد بن جعفر الأسدي) ، راجع معجم رجال الحديث ، في ترجمته ١٤ : ٣٧٣.
(٥) التوحيد للصدوق : ٦٠ ٦٨ / ١٨.