الخامس : لا إشكال في أنّه يجوز الدخول في الجماعة في أيّ حال مطلقا ، سواء احتمل أنّه يدرك الإمام فعلا أم لا ، بل مع القطع بالعدم لأنّه لو لم يدركه في الحال فله أن يصبر فيلحقه في الركعة الآتية ، وله أن ينفرد ولا محذور في شيء من ذلك أصلا ، فلا يحتاج إلى إجراء أصل ونحوه ، حتّى يحرز بقاء الإمام على حاله الّذي يكون عليه.
فعلى هذا ؛ عنوان المسألة بأنّه هل يجوز الاقتداء ويمكن إحراز البقاء بالأصل أم لا؟ كما في بعض العبارات ، لا وجه له ، بل العنوان أنّه هل يجوز أن يؤتى بالركوع بقصد التبعيّة مع عدم العلم بالإدراك؟ وهل يصحّ إحراز ذلك باستصحاب بقاء الإمام على حاله حتّى يلحقه المأموم كما ببركته يحكم ببقائه على صفاته المعتبرة فيه إلى أن يتمّ الصلاة ، بل به يحكم على بقاء مطلق الامور في الزمان المستقبل ممّا لا يمكن إحرازه بالوجدان ، لعدم خلوّها عن الحوادث من الموانع الّتي بها يمكن زوال الوصف ، أم لا يصحّ ذلك في خصوص المقام؟ قد استشكل فيه شيخنا قدسسره نظرا إلى أنّه وإن قلنا بقيام بعض الاصول والأمارات مقام العلم الطريقي ، ولكن إنّما يكون ذلك فيما إذا لم يعتبر الإحراز الوجداني (١).
وبعبارة اخرى : الاطمينان والاستصحاب وإن كان من الاصول المحرزة إلّا أنّه لمّا لا يحصل الاطمينان فلا يترتّب الأثر الشرعي عليه في المقام ، وسيأتي سرّ ذلك ، وتنقيح هذه المسألة في الفرع الآتي والله المؤيّد.
__________________
(١) كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري : ٧ / ٣٣١.