المناصب واعتبر فيها العدالة الواقعيّة (١) ، مع أنّه أنكرها في المفتي مطلقا (٢) ، كما سمعت والله العالم.
حقيقة العدالة
الجهة الثالثة : في حقيقة العدالة ، وقد نقل فيها أقوال ثلاثة : من كونها الملكة الباعثة على ترك المعاصي أو نفس ترك المعاصي ، ولو لم تكن عن ملكة ، أو الملكة الملازمة مع تركها فعلا.
فهذه الأقوال الثلاثة هي الّتي يمكن عدّها اختلافا وقولا في حقيقة العدالة ، وأمّا القولان الآخران فالظاهر أنّهما ليسا اختلافا فيها ، كما استظهر كذلك شيخنا قدسسره ، وغيره من كلماتهم (٣).
من أنّها هي الإسلام ، أو مطلق حسن الظاهر ، إنّما هما اختلاف في طريق العدالة ، كما يدلّ عليه كلمات القائلين بهما ، ففيها شواهد على أنّ من عبّر عنها بهما فليس مراده أنّ حسن الظاهر أو ظهور الإسلام هما نفس العدالة.
هذا ؛ بل نقول : إنّ الأقوال الثلاثة الاولى أيضا راجعة إلى واحد ، وإنّ العدالة ليست إلّا الملكة الباعثة على ترك المعاصي فعلا ، لا أحدهما فقط ، وليس أحد من أصحابنا يلتزم بالتفكيك ، وذلك لأنّه ما أظنّ أحدا يلتزم بأنّ من له ملكة العدالة ولم يكن فعلا مجتنبا عن المعصية باقيا على عدالته ، وهكذا عكسه.
__________________
(١) جواهر الكلام : ١٣ / ٢٧٩.
(٢) جواهر الكلام : ١٣ / ٢٧٨.
(٣) كتاب الصلاة للشيخ الأنصاري : ٧ / ٢٤٨.