توكيل الوكيل غيره
قالوا : ولا يجوز للوكيل أن يوكّل غيره (١).
أقول : إمّا من جهة أنّ الأصل في إرادة الأفعال المباشرة فيها إمّا مطلقا أو في خصوص الخطابات العرفيّة إلّا ما خرج بالتصريح أو دليل خارج ، وإمّا من جهة أنّه وإن كان مقتضى الأصل إرادة الإتيان بها من غير تعلّق غرض بإيقاعها مباشرة مطلقا إلّا ما خرج ، إلّا أنّه العرف مستقرّ على إرادة المباشرة في أوامرهم.
وإمّا من جهة أنّ توكيل الوكيل إمّا عن الموكّل ولا إشكال في عدم جوازه لعدم دلالة «وكّلتك في بيع داري» على «وكّلتك في التوكيل» ، لاختلاف المتعلّقين مع عدم قرينة في المقام كعجزه عنه ، أو ترفّع شأنه عن المباشرة.
وأمّا عن الوكيل ؛ فيمنع إمّا من جهة ظهور قوله : «في بيع داري» في المباشرة ، كما سبق ، لعدم دخول هذا النوع من التصرّف في المأذون ، وإمّا من جهة عدم جواز التوكيل عن الوكيل أصلا ، لأنّ الولاية التبعيّة غير قابلة للانتقال والتفويض ، فلو صرّح بالإذن في التوكيل انصرف إلى أخذه عن الموكّل ، لأنّ الإنشاء اللفظي الّذي فوّض ولايته فيه إليه غير مملوك للوكيل إلّا من إذن المالك ، فلا يمكن تفويضه إلى غيره.
وبعبارة اخرى : الولاية تابعة للملك وليس الوكيل مالكا ، ولذا يقولون : إنّ للأولياء أن يوكّلوا عمّن لهم الولاية عليهم ، فالوكيل يتصرّف عن المالكين بإذن الأولياء لا عنهم ، كما أنّهم يتصرّفون عنهم بإذن الله تعالى.
__________________
(١) المختصر النافع : ١٧٨ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ١١٦ ط. ق.