الّذي يظهر من كلمات الأصحاب قدسسرهم أنّه إذا كان بحيث لا يوجب أن يكون المأمومون أجانب عن الإمام رأسا ، بأن يكون الحائل ثخينا جدّا كبعض الجدران الّتي فيها أسطوانة وأمثالها ، بل لا بدّ وأن يكون بحيث يكونون مطّلعين ـ أي المأموم والإمام ـ في الجملة عن حال الآخر ، بأن يكون بينهم حائطا صفيقا أو أمرا محدثا كما هو المعمول.
ولقد أجادوا في ما استظهروا وأفادوا ، لأنّ ما ذكرنا في الاعتبار العرفي لا يستفاد منه اغتفار الحائل أزيد من ذلك ، كما أنّ المرسلة المشار إليها فيها لفظ «الحائط» وهو غير الجدران ، بل هو مثل الحفاظ الّتي يحدث في حوالي البساتين غالبا ، فالمسألة لا غبار عليها إن شاء الله تعالى ، ولا مجال لتزلزل [صاحب] «الجواهر» (١) قدسسره أيضا ، والله العالم.
اشتراط عدم البعد بين الإمام والمأموم
الثاني من الشرطين اللذين مرجعهما إلى اعتبار أمر عرفي في الجملة هو مسألة اعتبار عدم البعد بين الإمام والمأموم ، أصل الشرط لا إشكال فيه ، بل المسألة إجماعيّة في الجملة ، بل الكلام في تحديده فإنّها من هذه الجهة من المشكلات ، بمعنى أنّها نظير ما في مسألة المسافر الّذي يرجع ليومه إلى محلّه أنّه مع وجود الأخبار المعتبرة الواضحة الدلالة فيها الأصحاب اضطربوا في المسألة ، وأحالوا تحديد الموضوع إلى العرف ، فهكذا في المقام من أنّه مع وجود
__________________
(١) جواهر الكلام : ١٣ / ١٦٤ ـ ١٦٥.