التصرّف فيها التصرّف في مال الغير ، فإنّه عند ذلك سلطنة الغير على ماله لمّا أوجبت حرمة تصرّف الغير في ماله فلذلك تنقطع سلطنة الشخص على ماله في هذه المرتبة الموجبة للتصرّف في المال المحترم للغير ، فكذلك سلطنة الناس على أنفسهم ثابتة حتّى تنتهي إلى التصرّف في المال المحترم للغير ، هذا ما تقتضيه قاعدة السلطنة.
تقدّم حفظ نفس الغاصب على الأموال
وأمّا مسألة أهميّة النفوس وتقدّمها على الأموال فنقول : هذه الصورة ليست في الوضوح وجريان قاعدة أهميّة النفوس كالصورة السابقة ؛ لأنّ في هذه الصورة لمّا كان الغاصب غاصبا من أوّل الأمر فالقاعدة المعروفة المستفادة من الأخبار ـ وهي ما وقعت في ألسنة الفقهاء من (أنّ الغاصب يؤخذ بأشقّ الأحوال) (١) تجري في هذه الصورة دون الصورة السابقة.
فإن قلنا : إنّ المراد بها أنّ الغاصب يؤخذ بأشقّ الأحوال حتّى حال تلف نفسه ، فيجوز هنا للمغصوب منه تخليص ماله وقلع الخشبة من السفينة في المثال المذكور.
وإن قلنا بأنّه ليس المراد بها ذلك ، بل المراد بها أنّ الغاصب في ظرف وجود نفسه وبقائه يؤخذ بأشقّ الأحوال حتّى لو أوجب تلف ماله كثيرا ، أو وقوع نفسه في التعب لا فيما أوجب تلف نفسه ، فليس للمغصوب منه ذلك ، بل يجب عليه الصبر حتّى يخلص عن الهلكة ، ولا يجوز للغاصب ردّه لكون حفظ نفسه
__________________
(١) جواهر الكلام : ٣٧ / ١٠.