يوجب الحائل تعدّد المجلس ولا يصدق الجماعة حينئذ ، والشارع في اعتباره هذا الشرط ما أعمل محض التعبّد ، بل أجرى ما هو المعتبر عند العرف.
ومن المعلوم ؛ أنّ ما ذكر إنّما يجري بالنسبة إلى مجالس الرجال ومجامعهم ، وأمّا مجامع النساء مع الرجال فلا يعتبر ذلك عند العرف أيضا ، بمعنى أنّ وجود الحائل بينهم وبين الرجال لا يضرّ بوحدة المجلس ، بل بناؤهم على إيجاده في المجلس الواحد الّذي يجتمع فيه الرجال والنساء ، فليس ذلك إلّا من جهة ما ذكرنا من أنّ وجود الحائل لا يرفع عنوان وحدة المجلس ، كما لا يخفى.
فيصير ذلك قرينة عرفيّة على اختصاص الأدلّة الّتي يستفاد منها الشرط المزبور بالرجال ، حيث إنّ الحكم بتعميمها من جهة الإجماع على عدم الاختصاص كليّا ، أو للقطع باشتراك النساء مع الرجال في كلّ حكم ، إنّما يكون إذا لم يكن في البين قرينة قطعيّة وما يقرب منها تدلّ على الاختصاص ، وفي المقام لا إشكال أنّ الارتكاز المزبور هو قرينة على التخصيص ، وأنّ قوله عليهالسلام في الرواية المتقدّمة : «فإن كان بينهم» .. إلى آخره ، لا يعمّ النساء ، [مع] أنّه دلّت الأدلّة الخاصّة على عدم اعتبار الشرط المزبور بالنسبة إلى المرأة ، وهي الرواية المرسلة (١) المتلقّاة بالقبول عند الأصحاب ، والإجماع المنقول أو المحصّل ، حيث لم يظهر في المسألة خلاف إلّا من الحلّي قدسسره (٢) بناء على أصله من عدم الاعتناء بأخبار الآحاد مطلقا.
بقي الكلام في موضوع المسألة وهو : أنّ الحائل بأيّ مقدار منه لا يضرّ؟
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤١٠ الحديث ١١٠٣٩.
(٢) السرائر : ١ / ٢٨٩.