أحدهما : أنّه قوله عليهالسلام : «ما لا يتخطّى» من جهة كونه نكرة في سياق النفي يدلّ على عدم إمكان التخطّي كليّا ومن المعلوم أنّ ذلك يصير أزيد من مقدار ذراع الشاة حيث إنّ الخطى المعمولة تكون أزيد من ثلاثة أرباع الذراع ـ أي مع احتساب محلّ القدمين ـ فحينئذ ما لا يتخطّى أبدا لا بدّ وأن يكون أزيد من الذراع.
ثانيهما : أنّه لا إشكال في أنّ الحكم المزبور مرعيّ بالنسبة إلى جميع حالات المأمومين ، مع إمامهم الّتي منها حال سجودهم ، ولا يعقل التفكيك بينها ، ففي هذه الحالة أيضا البعد بين الإمام والمأموم وبين أنفسهم مغتفر ، بمعنى أنّه لو كان بين مسجدهم ومحلّ قدم الإمام أو المأمومين أزيد من الذراع ، ولا يمكن أن يتخطّى ، فالجماعة غير متحقّقة لوجود مانع البعد.
هذا بالنسبة إلى الصدر ، وأمّا الذيل فالظاهر منه أنّه روعي التحديد المزبور الّذي قليل جدّا بالنسبة إلى الأوّل ، حيث إنّ المستفاد من قوله عليهالسلام : «يكون قدر ذلك مسقط جسد الإنسان» (١) هو اتّصال مسجد المأموم بموقف الإمام وقدمه ، وهكذا المأمومون بالنسبة إلى أنفسهم ، وأين ذلك واغتفار المقدار من البعد؟ [فإنّ] المستفاد من الصدر إنّما يكون موضوع هذا التحديد بين الصفوف ، ولا ربط له بنفس الإمام والمأموم ، والمأمومين بينهم ، كما هو الظاهر من قوله عليهالسلام : «وينبغي أن تكون الصفوف تامّة متواصلة» (٢) .. إلى آخره ، فعلى هذا ؛ يختلف الصدر والذيل موضوعا وحكما.
والأوّل ؛ لما تبيّن من الاختلاف الفاحش بين التحديدين ، وكون المحدود
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤١٠ الحديث ١١٠٣٨.
(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٤١٠ الحديث ١١٠٣٨.