على الاستحباب ، فجعلوه قرينة على الصدر وأنّ المراد بما لا يتخطّى فيه أيضا ما هو المراد به في الذيل من الاتّصال الحقيقي ، فأنكروا لذلك استفادة الحكم الإلزامي والعزيمة من الرواية.
مع أنّك قد عرفت فساد هذا الاستظهار جدّا ، وأنّه لا ربط للصدر بالذيل ؛ لاختلاف موضوعهما.
وكيف كان ؛ لا إعراض في البين أصلا ؛ وأمّا وجود رواية شاهدة للاولى وهي صحيحة ابن سنان (١) فلا أصل لهذا الكلام أيضا ؛ إذ لا ربط لها بالمقام ، بل هي في مساق سائر الروايات الواردة بمضمونها في باب القبلة راجعة إليها ، والمراد بلفظه فيها الارتفاع الّذي قدّام المصلّي ، وأمّا مسألة الرجوع إلى العرف فقد عرفت فساده.
ثم إنّ هذا كلّه ؛ بالنسبة إلى البعد الّذي بين الإمام والمأمومين وبين أنفسهم في الصفوف اللاحقة ، فقد عرفت ظهور الرواية في حكمه ، وأمّا الكلام بالنسبة إلى أشخاص الصفّ الواحد الّذي حكمه المستفاد من الدلالة الالتزاميّة للرواية كما تقدّم ، ومعلوم أنّ البعد بالنسبة إليهم لا بدّ أن يلاحظ من طرف العرض.
فحينئذ ؛ هل يستخرج حكمهم من الرواية أيضا أم لا؟ الظاهر أنّه لا إشكال في هذه الجهة أيضا ، حيث إنّه لمّا كان يستفاد أصل حكمهم من لازم الرواية ، فهكذا يثبت لها ما يتفرّع عليه ، فما يثبت للصفّ المتقدّم والمتأخّر فكذلك بالنسبة إلى الصفّ الواحد فيعتبر البعد بينهم بمقدار ما لا يتخطّى بالنسبة إلى وسط أحوالهم وهو حال القيام أو القعود ، ولا يلزم الدقّة فيه أزيد من هذه
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤١٠ الحديث ١١٠٤٠.