منها بقرينة قوله عليهالسلام : «إذا أبطأ الإمام» هو العمد حيث المستظهر منها أنّه كان المأموم يزعم ويعتقد أنّ الإمام الآن يرفع رأسه لتماميّة ذكره الّذي كان عادته الإتيان ، فرفع المأموم رأسه عمدا معتقدا أنّ الإمام أيضا يلحقه ، ولكن تخلّف زعمه وأبطأ الإمام ، فحينئذ تصير هذه الرواية ظاهرة في العمد ، فيقيّد بها إطلاق الطائفة الاولى ، مضافا إلى انصرافها بنفسها أيضا إلى السهو لاستبعاد التعمّد بذلك عن المأمومين مع بنائهم على الائتمام والاقتداء.
وبالجملة ؛ فما ذكرنا (١) يمكن أن يكون وجه ما بنى عليه الأصحاب قدّس الله أسرارهم ، ومع الغضّ عن ذلك فنقول : إنّ دعوى الإجماع على هذا التفصيل في المسألة قريبة جدّا ، لأنّه فتوى أساطين الفقهاء وأئمّتهم قديما وحديثا (٢) ، والمخالف جماعة شاذّة من متأخّري المتأخّرين (٣) ، فحينئذ ببركته لا محيص عن رفع اليد عن إطلاق الطائفة الاولى ، فتنقلب النسبة قهرا وإلّا لا يبقى لها مورد لو بني بقاؤها على ظهورها وتقديم رواية غياث عليها تصير مختصّة بغير العامد فيخصّص بها رواية غياث فتصير النتيجة كالأوّل ، فعلى كلّ حال ؛ لا محيص عمّا هو المشهور في المسألة ، فتدبّر!
__________________
(١) من استظهار العمد عن رواية غياث واختصاص الروايات الاولى بالساهي حيث إنّه استفادة العمد منها ببركة ترك الاستفصال ، وهو إنّما يفيد إذا لم يكن في البين انصراف يوجب التخصيص ، وقد أشرنا إلى وجهه ، فتدبّر! «منه رحمهالله».
(٢) السرائر : ١ / ٢٨٨ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ٤٤٥ ، البيان : ١٣٨ ، جواهر الكلام : ١٣ / ٢١٢.
(٣) الحدائق الناضرة : ١١ / ١٤٢.