الباعثة أو الاجتناب المنبعث عنها يكون بحثا علميّا ، ولا يترتّب عليه أثر عملي.
ثمّ إنّ البحث في استفادة ما ذكرنا من الأدلّة ، فنقول ـ ومن الله التأييد ـ : إنّ الأقوى والأظهر من الأدلّة بالنسبة إلى ما نحن فيه هو رواية عبد الله بن أبي يعفور (١) الّذي هو من أجلّاء الأصحاب ، وقد ورد توصيفه عن المعصوم بما لا يرد لغيره (٢).
وكيف كان ؛ لا مناقشة فيها سندا أصلا ، ودلالتها على المطلوب واضحة المطلوب ، وذلك ؛ لأنّ ظاهر السؤال عن الراوي في صدرها أنّه «بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين؟» .. إلى آخره ، هو السؤال عن «ما» الحقيقيّة على اصطلاح أهل المعقول والاستعلام عن حقيقة المفهوم ، فأجاب عنه الإمام عليهالسلام أوّلا : «بأن تعرفوه بالستر والعفاف».
ومن المعلوم ؛ أنّ المراد بالستر في المقام ليس الاستتار الظاهري ، بل المراد منه هي الحالة النفسانيّة الّتي يعبّر عنها بالحياء الّذي إذا وجد في العبد يستحيي من الله تعالى فيجتنب عمّا يسخطه ، كما يدلّ على ذلك ما أردفه بقوله عليهالسلام : «والعفاف» فهذه هي الّتي نعبّر عنها بالملكة ، ثمّ قال عليهالسلام وعطف عليه قوله : «وكفّ البطن والفرج» والبطن في هذا تتمّة لما سبق ، وأنّه مضافا إلى الصفة النفسانيّة الباعثة على ترك المناهي يعتبر عدم صدورها فعلا اختياريّا ، بأن يكفّ جوارحه عن المحرّمات ، فدلالة هاتين الفقرتين على المطلوب واضحة ، ولا يحتاج إثباته واستظهار أنّ في العدالة يعتبر الأمران إلى مئونة زائدة وتطويل بلا
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / ٣٩١ الحديث ٣٤٠٣٢.
(٢) جامع الرواة : ١ / ٤٦٧.