العين ، غاية الأمر تعلّقها عليها كان ملازما مع عدم تحقّق المنافع ، أو كان مانعا عن حدوثها ، فما تحقّقت المنافع حتّى يصدق بأنّها ممّا تعلّق بها اليد.
وأنت خبير بأنّ نفس المنافع وإن لم تكن من الامور الموجودة القابلة لوقوعها تحت اليد من دون استيفائها ، ولكن لمّا كانت العين ممّا لها قابليّة الانتفاع بها لتلك المنافع ، وكانت نفس القابليّة الّتي هي بمنزلة المقتضي لوجودها في طرفها ، فالعرف يرى ويعتبر بمجرّد ذلك لها ماليّة فعليّة ، بحيث يعتبر عندهم كون نفس اليد على العين يدا على تلك المنافع بالبيع ، كما لا يخفى.
ولذا كان مالك العين مالكا لها ـ أي للمنافع ـ إلى الأبد بالفعل ، فله تمليكها للغير ، ويصير الغير مالكا لها بالفعل ، فلا مانع من أن تكون اليد على العين يدا على المنافع ، ولذلك يكون الغاصب ضامنا لها أيضا وإن لم يستوفها ، وهذا (١) ممّا لا إشكال فيه.
إنّما الإشكال فيما إذا تعدّدت المنافع ، وبسط الكلام فيه : هو أنّ العين إذا كانت ممّا لها منافع متعدّدة ، فإمّا أن تكون ممّا يمكن الجمع بينها في استيفائها ، وإمّا أن لا تكون كذلك ، بل بينها التضادّ.
والأوّل : كما إذا كان للعبد صنعتان يمكن اجتماعهما كالحراسة والكتابة ، والثاني : كما إذا كان له الكتابة والحياكة ، وكالمشي مع الدابّة والركوب على الدابّة ، أو حمل المتاع معها.
__________________
(١) والظاهر ؛ أنّ الخلاف وتعدّد الأقوال إنّما هو فيما إذا لم تكن اليد المستقرّة على العين يدا عادية ، كما في المبيع بالبيع الفاسد ، وأمّا في باب الغصب فهو ـ أي الضمان ـ اتّفاقي ، كما يظهر من بعض كلمات شيخنا قدسسره ، فراجع وتأمّل! «منه رحمهالله» (المكاسب : ٣ / ٢٧١).