فكأنه يريد أن يحلل ربا القرض الذي لم تحدد فيه نسبة الربح من الأول ، بل نسبة الربح تحدد من قبل البنك بعد ذلك.
أقول : إن أقبح ما يكون عليه الكاتب والعالم هو الكذب والافتراء والاتهام ، فإن هذا هو ما يسمى بالخيانة العلمية ، فإن نسبة شيء الى علمائنا اجمع ( سواء كان قصده علماء السنة أم الشيعة ) شيء لم يجترئ عليه إلاّ الاستاذ النمر ، ففي حدود تتبعي للربا لم أجد من يصرح بأن الربا المحرم في القرض هو الذي تحدد فيه نسبة الربح ، بل إن علماء الشيعة كلهم وكل من قرأتُ له من علماء السنة إذا كان يحرم ربا القرض فهو يحرمه من أجل : « أنه زيادة ، في عقد القرض قد شرطت في مقابل الأجل » ، فمن ذلك ما ذكره في كتاب « المغني » لابن قُدامة حيث يقول : « كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المسلّف إذا شرط على المستسلِف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك ، كان أخذه الزيادة على ذلك ربا » ثم قال ابن قدامة : « وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها ، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها ، أو على أن يهدي له هدية ، أو يعمل له عملاً ، كان أبلغ في التحريم » (١).
وأما ما أفتى به الشيعة من كون مطلق الزيادة المشترطة هي ربا سواء كانت زيادة حقيقية أو حكمية ، محددة أو غير محددة ، فذلك هو المروي بطريق صحيح ، كما في صحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : « من أقرض رجلاً ورِقاً فلا يشترط إلاّ مثلها ، فان جوزي أجود منها فليقبل ، ولا يأخذ أحد منكم ركوب دابة أو عارية متاع يشترط من أجل قرض ورقه » (٢).
وكذا صحيحة محمد بن مسلم ، عن الامام أبي جعفر الباقر عليهالسلام : « في الرجل يكون عليه دَين الى أجل مسمى فيأتيه غريمه فيقول : انقدني من الذي لي
__________________
(١) ج ٤ / ٣٦٠.
(٢) الوسائل / ج١٣ / باب ١٩ من أبواب الدين / ح ١١ ص ١٠٦.