.................................................................................................
______________________________________________________
وقد عرفت أنّ المدار في صحّة النيابة تعلّق الأمر بنفس النيابة دون نفس العمل ، وأنّ النائب إنّما يقصد امتثال هذا الأمر المتعلّق به ، وهو المصحّح للنيابية واتّصاف العمل بالعبادية ، دون الأمر المتوجّه إلى المنوب عنه ، حيث تختصّ داعويته بالمنوب عنه المفروض سقوطه بموته ، فلا ربط له بالنائب.
وأمّا بناءً على الشرعيّة كما هو الصحيح فلأنّ مستند هذا القول ليس هو إطلاق الأدلّة الأوّلية ، كيف وهي مختصّة بغير الصبيّ بمقتضى حديث رفع القلم (١). ودعوى أنّ المرفوع خصوص الإلزام فيبقى أصل الخطاب بحاله واضحة الفساد كما لا يخفى. فأدلّة الأحكام برمّتها حتّى مثل الأمر بالنيابة منصرفة عن الصبيّ وخاصّة بالبالغين.
بل المستند هو ما ورد عنهم (عليهم السلام) من أمر الأولياء بأمر الصبيان بالصلاة والصيام (٢) بناءً على ما تقرّر في محلّه من أنّ الأمر بالأمر بالشيء أمر بالشيء نفسه (٣) ، وهذا منصرف إلى ما يأتي به الصبيّ من الصلاة والصيام عن نفسه ، ولا إطلاق له بالإضافة إلى ما ينوب فيهما عن غيره. فلا دليل على ثبوت الأمر بالنسبة إلى عباداته النيابية ، وهو ممّا لا بدّ منه في صحّة النيابة كما عرفت ذلك آنفاً.
وعلى الجملة : أنّ العبادات توقيفية ، يحتاج الحكم بمشروعيتها إلى الأمر ، ولم يثبت ذلك في حقّ الصبيّ إلّا في خصوص عباداته الأصلية دون النيابية. فلا يصح استئجاره كما لا يكتفى بما يأتي به تبرّعاً وإن كان صحيحاً في نفسه ، للشكّ في فراغ ذمّة الميّت بذلك ، ومقتضى إطلاق دليل وجوب التفريغ المتوجّه إلى الوليّ أو الوصيّ عدم الاكتفاء به كما لا يخفى.
ومع الغضّ عن الإطلاق فمقتضى الأصل العملي هو الاشتغال دون البراءة
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٥ / أبواب مقدمة العبادات ب ٤ ح ١١ وغيره.
(٢) الوسائل ٤ : ١٩ / أبواب أعداد الفرائض ب ٣ ح ٥ ، ٧ ، ٨ ، ١٠ : ٢٣٤ / أبواب من يصحّ منه الصوم ب ٢٩ ح ٣.
(٣) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٧٤.