.................................................................................................
______________________________________________________
ودعوى الانصراف إلى الفائتة لعذر ، كما ترى ، فإنّ الفائتة لغير عذر ليست بأقلّ ممّا فات لعذر في زمن صدور الروايات ، ولا سيما مع ملاحظة الفوت لأجل الخلل في بعض الأجزاء أو الشرائط. فلا موجب للانصراف أصلاً.
وما يقال من أنّ العامد يستحقّ العقاب فلا يجديه القضاء من الوليّ ، لكونه بمثابة الكفّارة ، وهي بمناسبة الحكم والموضوع تختصّ بالمعذور. فهو وجه استحساني لا يركن إليه لإثبات حكم شرعي ، ولا يقاوم الإطلاق.
كما أنّه لا وجه للاستناد في القول بالاختصاص إلى قوله تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (١) لكونه ناظراً إلى العقاب في الآخرة ، فهو أجنبي عن محلّ الكلام ، فإنّه لا مانع من كون فعل الغير الصادر منه بالاختيار ولو عصياناً موضوعاً لتكليف غيره كما في تنجيس المسجد ، حيث يجب التطهير وإن كان التنجيس بفعل الغير عصياناً.
ومقامنا من هذا القبيل ، فانّ فوات الفريضة من الميّت موضوع لتكليف الوليّ بالقضاء عنه ، وهذا لا يفرق فيه بين أن يكون الفوت منه لعذر أو عصياناً لإطلاق النصوص السليمة عمّا يصلح للتقييد.
وعن الحلّي (٢) وابن سعيد (٣) (قدس سرهما) الاختصاص بما فات في مرض الموت. وليس له وجه ظاهر عدا دعوى انصراف النصوص إلى ذلك. وفيه : ما لا يخفى ، فإنّ صحيحة حفص المتقدّمة (٤) وهي العمدة في المقام مطلقة بالإضافة إلى مرض الموت وغيره.
فالأقوى تعميم الحكم لمطلق الفوائت ، من دون فرق بين ما فات لعذر وغيره ، وبين مرض الموت وغيره ، لإطلاق النصوص.
__________________
(١) الأنعام ٦ : ١٦٤.
(٢) السرائر ١ : ٢٧٧.
(٣) الجامع للشرائع : ٨٩.
(٤) في ص ٢٦٤.