.................................................................................................
______________________________________________________
وإن كان كذلك ، إذ لم يعهد من أحد ممّن أسلم زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا في زمن المتصدّين للخلافة بعده إلى زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن بعده أنّه أُمر بقضاء ما فاته في زمن الكفر ، ولو كان ذلك ثابتاً لظهر وبان ولنقل إلينا بطبيعة الحال.
إلّا أنّ التمسك بالإجماع والضرورة هو فرع ثبوت المقتضي ، بأن يكون مقتضى القاعدة هو وجوب القضاء كي يخرج عنها في الكافر بهذين الدليلين ولا ريب في أنّ تمامية المقتضي يبتني على الالتزام بتكليف الكفّار بالفروع كتكليفهم بالأُصول ، كما عليه المشهور ، وأمّا بناءً على ما هو الصحيح من عدم تكليفهم بذلك فلا وجه للاستدلال بهما.
ويشهد لما ذكرناه ما ورد من أنّ الناس يؤمرون بالإسلام ثمّ بالولاية (١) ، فإنّ ظاهر العطف بـ «ثمّ» هو عدم تعلّق الأمر بالولاية إلّا بعد الإسلام ، فإذا كان هذا هو الحال في الولاية وهي من أعظم الواجبات وأهمّ الفروع ، بل إنّه لا يقبل عمل بدونها كما ورد في غير واحد من النصوص (٢) فما ظنّك بما عداها من سائر الواجبات كالصلاة والصيام ونحوهما.
ويؤكّده أنّه لم يعهد من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مطالبة من أسلم بدفع زكاة المال أو الفطرة ونحوهما من الحقوق الفائتة حال الكفر.
وعليه فلا تصل النوبة في المقام إلى الاستدلال لنفي القضاء بالأمرين المتقدّمين ، بل إنّما يعلّل نفي القضاء بقصور المقتضي حتى ولو لم يكن هناك إجماع ولا ضرورة ، فإنّ المقتضي للقضاء إنّما هو الفوت ، ولا فوت هنا أصلاً بعد عدم ثبوت التكليف في حقّه من أصله ، فلم يفته شيء كي يتحقّق بذلك موضوع القضاء ، إذ لا تكليف له حال الكفر إلّا بالإسلام فقط.
وفوت الملاك وإن كان كافياً في ثبوت القضاء إلّا أنّه لا طريق لنا إلى
__________________
(١) [لم نعثر عليه ، نعم ذكر مضمونه في الكافي ١ : ١٨٠ / ٣].
(٢) الوسائل ١ : ١١٨ / أبواب مقدمة العبادات ب ٢٩.