الرحمن ، وهم وإن لم ينصبوا الأنصاب جهرة ولم يتّخذوا الأصنام آلهة فقد أحدثوا من الفساد في البلاد ، والعدوان على العباد ، والظلم لآل الرسول والهضم لذرية البتول ، ما نقضوا عبادة الأوثان عن عشر عشيره ، ويختفر بعظيم الأنداد في جنب حقيره ، من ظلم سادتهم وامرائهم ، ومن قرن الله ذكره بذكرهم ، فقتلوهم في محاريب صلواتهم ، وخذلوهم في حروبهم وغزواتهم ، وأرهفوهم برحى سمومهم ، ولم يراقبوا الله في هديهم وفديتهم ، وشنّوا عليهم غاراتهم ، ونصبوا العداوة لأحفادهم وذرّيّاتهم.
فانظر إلى صاحب المحنة العظيمة ، والواقعة الجسيمة والمصيبة الّتي أنفدت بتراكمها ماء الشؤون ، وقرحت بتفاقمها الآماق والجفون ، مصيبة أشرف الثقلين ، وسبط سيّد الكونين ، وابن صاحب بدر واحد وحنين ، أبي عبد الله الحسين ، كاتبوه وراسلوه ووعدوه وعاهدوه ، حتّى إذا انقطعت معذرته بظنة وجود الناصر ، ولزمه القيام بأمر الله في الظاهر ، خذلوه وأسلموه ، وجحدوه وقتلوه ، وسقوه من غروب سيوفهم كؤوس الحمام ، وسودوا بقتله وقتل ولده وجه الاسلام.
فياعيوني لمصيبتة بعبرتي لا تبخلي ، ويا كربتي لرزيّته عن حشاشتي لا تنجلي ، ويا حرقتي لما ناله لا تخمدي ويا زفرتي لمصرعه من التراقي تصاعدي ، ألغيره أذخر حزني وبكائي؟ أم على سواه أصف وجدي وبلوائي؟ أم على هالك بعده أنثر جواهر نثري؟ أم على قانت غيره أسمط بالمراثي شعري؟
يهيج في وجدي إذا ذكرت غربته ، وتضطرب أحشائي وقلبي إذا تصورت محبّته ، وتذكو آثار الأسى في جوانحي بفضيع مصرعه ، وينحلّ قلبي