آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله. (١)
وممّا يدلّ على كفره وإلحاده فعله بالامام السبط التابع لمرضاة الله أبي محمد الحسن عليهالسلام من شن الغارات عليه ، وإفساد قلوب الناس له ، وبذل الأموال في حربه ، وإفساد جموعه وجنوده ، ثمّ دسّ السمّ له حتّى ألقى كبده وحشاه ، ومضى شهيداً مظلوماً مسموماً ، فهل في فعله هذه الأفعال الشنيعة من حرب أمير المؤمنين وموارطته ثمانية عشر شهراً ، ثمّ قتل سبعة من أكابر الصحابة بعد كحجر بن عديّ وأصحابه ، ثمّ بسبّه أمير المؤمنين عليهالسلام على المنابر إلا كما قال الله سبحانه : ( فَلَمَّا رَأَوا بَأسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحدَهُ وَكَفَرنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشرِكِينَ فَلَم يَكُ يَنفَعُهُم إيمَانُهُم لَمَّا رَأَوا بَأسَنَا ) (٢) وكقول فرعون لما أدركه الغرق : ( قَالَ آمَنتُ أنَّهُ لَا إلهَ إلَّا الَّذِي آمَنَت بِهِ بَنُوا إسرَائِيلَ وَأنَا مِنَ المُسلِمِينَ ) (٣) فردّ الله سبحانه عليه بقوله : ( الآنَ وَقَد عَصَيتَ قَبلُ وَكُنتَ مِنَ المُفسِدِينَ ) (٤).
فكان حال معاوية لما رأى علامات الموت كحال فرعون والكفّار الّذين ذكرهم سبحانه بقوله : ( فَلَمَّا رَأَوا بَأسَنَا ) ، فعليه وعلى من يعتذر له ، ويصوّب آراءه واجتهاده فيما علم بطلانه من الدين ضرورة لعنة الله ولعنة اللاعنين ، لأن إنكار ولاية أمير المؤمنين وحربه ، واستحلال وسفك دمه ودم ذرّيّته وشيعته ، كحال منكري الشرائع من الصلاة والزكاة والحج والنبوّة ، فهل يحلّ لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصوّب اجتهاده ، ويؤوّل مراده ، ويمهد له العذر على فعله؟
__________________
١ ـ انظر : إحقاق الحقّ : ٦/٣٨٠ ـ ٣٩٤ ، وج ١٦/٥٨٨ ـ ٥٩٩ ، وج ٢١/٥٣٧ ـ ٥٤٣.
٢ ـ سورة غافر : ٨٤ و٨٥.
٣ ـ سورة يونس : ٩٠.
٤ ـ سورة يونس : ٩١.