وجعل [ يسيرو ] (١) يتلو هذه الآية : ( فَخَرَجَ مِنهَا خَائِفاً يَتَرَقََّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَومِ الظَّالِمِينَ ) (٢) فقاله له ابن عمّه [ مسلم بن عقيل بن أبي طالب ] (٣) : يا ابن رسول الله ، لو عدلنا عن الطريق وسلكنا غير الجادّة كما فعل ابن الزبير كان عندي [ خير ] (٤) الرأي ، فإنّا نخاف من الطلب.
فقال : لا يا ابن العمّ ، لا فارقت هذا الطريق أو أنظر أبيات مكّة أو يقضي الله في ذلك ما يحبّ ، فبينا الحسين بين مكّة والمدينة إذ استقبله عبد الله بن مطيع العدويّ ، فقال : أين تريد يا أبا عبد الله ، جعلني الله فداك؟
فقال : أمّا في وقتي هذا فإنّي اريد مكّة ، فإذا صرت إليها استخرت الله.
فقال عبد الله بن مطيع : خار الله لك في ذلك ، وإنّي اُشير عليك بمشورة فاقبلها منّي.
فقال الحسين عليهالسلام : ما هي؟
قال : إذا أتيت مكّة فاحذر أن يغرّك أهل الكوفة فإن فيها قتل أبوك ، وطعن أخوك طعنة كادت [ أن ] (٥) تأتي على نفسه فيها ، فالزم فيها الحرم فأنت سيّد العرب في دهرك ، فوالله لئن هلكت ليهلكنّ أهل بيتك بهلاكك ، والسلام.
قال : فودّعه الحسين ودعا له بالخير ، وسار حتّى وافى مكّة ، فلمّا نظر إلى جبالها جعل يتلو : ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلقَاءَ مَديَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) (٦). (٧)
__________________
١ و ٣ و ٤ و ٥ ـ من المقتل.
٢ ـ سورة القصص : ٢١.
٦ ـ سورة القصص : ٢٢.
٧ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ١/١٨٠ ـ ١٨٩.