[ مكّة ليدخل ] (١) المدينة لقيه أفواج من الملائكة المسوّمة والمردفة (٢) في أيديهم الحراب ، على نجب من نجب الجنّة ، فسلّموا عليه وقالوا : يا حجّة الله على خلقه بعد جدّه وأبيه وأخيه ، إنّ الله سبحانه أمدّ جدّك صلىاللهعليهوآله بنا في مواطن كثيرة ، وإنّ الله أمدّك بنا.
فقال لهم : الموعد حفرتي وبقعتي الّتي أستشهد فيها ، وهي كربلاء ، فإذا وردتها فأتوني.
فقالوا: يا حجّة الله ، مرنا نسمع ونطع ، فهل تخشى من عدوّ يلقاك فنكون معك؟
فقال : لا سبيل لهم عليَّ ، ولا يلقوني بكريهة أو أصل إلى بقعتي.
وأتته أفواج مسلمي (٣) الجنّ ، فقالوا : يا سيّدنا ، نحن شيعتك وأنصارك ، فمرنا بأمرك وما تشاء ، فلو أمرتنا بقتل كلّ عدوّ لك وأنت بمكانك لكفيناك ذلك.
فجزاهم الحسين خيراً ، وقال لهم : أمّا قرأتم كتاب الله المنزل على جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( أَيْنَمَا تَكُونُوا يَدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) (٤) وقال سبحانه : ( لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إلَى مَضَاجِعِهِمْ ) (٥)؟ وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى (٦) هذا الخلق المتعوس؟ وبماذا
____________
١ ـ من الملهوف.
٢ ـ في الملهوف : المسوّمين والمردفين.
٣ ـ في الملهوف : من مؤمني.
٤ ـ سورة النساء : ٧٨.
٥ ـ سورة آل عمران : ١٥٤.
٦ ـ في الملهوف : فبمَ يمتحن؟