ولا تتأخّر ، فهذا ملك من السماء قد نزل ليأخذ دمك في قارورة خضراء فهذا ما رأيت ، وقد أزف الأمر واقترب الرحيل من هذه الدنيا ، لا شكّ في ذلك (١).
قال : فلطمت زينب وجهها وصاحت.
فقال الحسين عليهالسلام : مهلاً ، يا اُختاه ، لا يشمت (٢) القوم بنا.
ثمّ جمع الحسين عليهالسلام أصحابه بالليلة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ أقبلّ عليهم ، فقال :
أمّا بعد ، فإنّي لا أعلم أصحاباً أصلح (٣) منكم ، ولا أهل بيت آثر (٤) ولا أفضل من أهل بيتي ، فجزاكم الله [ عنّي ] (٥) جميعاً خيراً ، وهذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً ، وليأخذ كلّ رجل منك بيد رجل من أهل بيتي ، وتفرّقوا في سواد [ هذا ] (٦) الليل وذروني وهؤلاء ، فإنّهم لا يريدون غيري.
فقال له إخوته وبنو عمّه وأولاد عبد الله بن جعفر : ولِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك! لا أرانا الله ذلك أبداً ، وكان الّذي بدأ بهذا القول العبّاس بن أمير المؤمنين ، ثمّ تابعوه الباقون.
ثمّ نظر الحسين عليهالسلام إلى بني عقيل فقال : حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم ، اذهبوا فقد أذنت لكم.
وروي من طريق آخر : فتكلّم إخوته وجميع أهل بيته ، وقالوا : يا ابن
____________
١ ـ مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي : ١/٢٥٠ ـ ٢٥٢.
٢ ـ في الملهوف : لاتشمتي.
٣ ـ في الملهوف : خيراً.
٤ ـ في الملهوف : أبرّ.
٥ و ٦ ـ من الملهوف.