فصاح رجل من أصحاب شمر وقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون وأنتم الخبيثون ، وقد ميّزنا منكم ، فقطع برير بن خضير صلاته ، ثمّ ناداه : يا فاسق : يا فاجر ، يا عدوّ الله ، يا ابن البوال على عقبيه ، أمثلك يكون من الطيّبين والحسين من الخبيثين؟! والله ما أنت إلاّ بهيمة لا تعقل ، فأبشر بالخزي يوم القيامة ، فصاح به شمر وقال : أيّها المتكلم ، إنّ الله قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب.
فقال برير : يا عدوّ الله ، أبالموت تخّوفني ، والله إنّ الموت مع ابن رسول الله أحبّ إليَّ من الحياة معكم ، والله لا نال شفاعة محمد قوماً أراقوا دماء ذرّيّاته (١) وأهل بيته.
وأقبل رجل من أصحاب الحسين ، فقال : يا برير ، إنّ أبا عبد الله يقول : إرجع إلى مكانك (٢) ، ولا تخاطب القوم ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحتَ وأبلغتَ.
فلمّا (٣) كان وقت السحر خفق الحسين عليهالسلام برأسه ، ثمّ استيقظ ، فقال : أتعلمون ما رأيت في منامي الساعة؟ رأيت كأنّ كلاباً قد شدّت عليَّ [ لتنهشني ] (٤) وفيها كلب أبقع رأيته أشدّها ، وأظنّ الّذي يتولّى قتلي رجل أبرص من بين هؤلاء ، ثمّ انّي رايت جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعه جماعة من أصحابه وهو يقول لي : يا بنَيّ ، أنت شهيد آل محمد ، وقد استبشرت بك ملائكة السماوات (٥) وأهل الصفيح الأعلى فليكن إفطارك عندي الليلة ، فعجّل
____________
١ ـ في المقتل : ذرّيّته.
٢ ـ في المقتل : موضعك.
٣ ـ انظر أيضاً : البحار : ٤٥/٣ ، وج ٦١/١٨٣ ح ٥٠.
٤ ـ من المقتل.
٥ ـ في المقتل : وقد استبشر بك أهل السماوات.