فقال له نفر منهم : يا هذا ، ما ندري ما تقول؟
فقال برير : الحمد لله الّذي زادني فيكم بصيرة ، اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم ، اللّهمّ ألق بأسهم بينهم حتّى يلقوك وأنت عليهم غضبان ، وفجعل القوم يرمونه بالسهام ، فرجع (١) برير إلى ورائه.
وتقدّم الحسين عليهالسلام حتّى وقف بإزاء (٢) القوم ، فجعل ينظر إلى صفوفهم كأنّهم (٣) السيل ، ونظر إلى عمر بن سعد واقفاً في صناديد الكوفة ، فقال : الحمد لله الّذي خلق الدنيا فجعلنا دار فناء وزوال ، ومتصرّفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور من غرّته ، والشقي من فتنته ، فلا تغرّنّكم هذه الدنيا ، فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها ، وتخيّب طمع من طمع فيها ، وأراكم قد اجتمعتم على أمرٍ قد أسخطتم الله في عليكم ، وأعرض بوجهه الكريم عنكم ، وأحلّ بكم نقمته ، وجنّبكم رحمته ، فنعم الربّ ربّنا هو ، وبئس العبيد أنتم ، أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول صلىاللهعليهوآله ، ثمّ أنتم قد رجعتم (٤) إلى ذرّيّته وعترته تريدون قتلهم ، لقد استحوذ عليكم الشيطان وانساكم ذكر الله ، فتبّاً لكم ولمّا تريدون ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم ، فبعداً للقوم الظالمين.
فقال عمر بن سعد : ويلكم كلّموه فإنّه ابن أبيه ، والله لو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لما انقطع ولا حصر ، فكلّموه ، فتقدّم إليه شمر ، فقال : يا حسين [ ما ] (٥) هذا الّذي تقول؟ أفهمنا حتّى نفهم.
____________
١ ـ كذا في المقتل والبحار ، وفي الأصل : فجعل.
٢ ـ في المقتل : قبالة.
٣ ـ في المقتل : كأنّها.
٤ ـ في المقتل والبحار : ثمّ إنّكم زحفتم.
٥ ـ من المقتل والبحار.