عدوتك ، فما هذا الّذي أرى منك؟
فقال : والله إنّي اُخيّر نفسي بن الجنّة والنار ، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قطّعت وحرّقت.
ثمّ ضرب فرسه قاصداً الحسين عليهالسلام ويده على رأسه وهو يقول : اللّهمّ إنّي تبت فتب عليَّ ، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيّك.
وقال للحسين عليهالسلام : جعلت فداك ، أنا صاحبك الّذي حبستك عن الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، والله الّذي لا إله إلّا هو ، ما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضتَ عليهم ، والله لو حدثتني (١) نفسي أنّهم يقتلوك لما ركبتها منك (٢) أبداً ، وإنّي قد جئتك تائباً إلى ربّي ، ومواسيك بنفسي حتّى أموت بين يديك ، فهل ترى لي من توبة؟
قال : نعم يتوب الله عليك ويغفر لك ، ما اسمك؟
قال : انّا الحرّ.
قال : أنت الحرّ كما سمّتك اُمّك إن شاء الله في الدنيا والآخرة ، انزل.
قال : أنا لك فارساً خير منّي لك راجلاً ، اُقاتلهم على فرسي ساعة ، وإلى النزول مصيري ، ثمّ قال (٣) : يا ابن رسول الله ، كنتُ أوّل خارج عليك ، فائذن لي لأكون أوّل قتيل بين يديك ، وأول من يصافح جدّك غداً ـ وإنّما قال الحرّ : لأكون أوّل قتيل من المبارزين ، وإلا فإن جماعة كانوا قد قتلوا في الحملة
__________________
١ ـ في المقتل : لو سوّلت لي.
٢ ـ في المقتل : أنّهم يقتلونك لما ركبت هذا منك.
٣ ـ من هنا نقله المجلسي رحمهالله في البحار : ٤٥/١٣ عن كتابنا هذا وعن مناقب ابن شهراشوب والكامل في التاريخ : ٤/٦٤. وكذا في عوالم العلوم ١٧/٢٥٧.