لحيته ، وقال : اشتدّ غضب الله على اليهود والنصارى إذ جعلوا له ولداً ، واشتدّ غضب الله على المجوس إذ عبدت [ الشمس والقمر و ] (١) النّار ، واشتدّ غضب الله على قوم اتّفقت آراؤهم على قتل ابن بنت نبيّهم ، والله لا اُجيبهم إلى شيء ممّا يريدونه أبداً حتّى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي.
ثمّ صاح عليهالسلام : أمّا من مغيث يغيثنا لوجه الله تعالى؟ أمّا من ذابّ يذبّ عن حرم رسول الله؟
وكان الحرّ حين أمره عبيد الله بن زياد بالمسير الى حرب الحسين وخرج من منزله نودي ثلاث مرّات : يا حرّ ، أبشر بالجنّة ، فالتفت فلم ير أحد.
فقال : ثكلت الحرّ اُمّه ، يمضي إلى حرب ابن رسول الله ويدخل الجنّة! فنمّ ذلك الكلام في فؤاده ، فلمّا سمع الحسين عليهالسلام يستغيث اضطرب قلبه ، ودمعت عيناه ، فخرج باكياً متضرّعاً مع غلام له تركيّ ، وأتى إلى عمر بن سعد ، وقال : أمقاتل أنت هذا الرجل؟
فقال : إي والله قتالاً أيسره [ أن ] (٢) تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.
فقال : أمّا لكم في الخصال الّتي عرض عليكم رضى؟
قال : والله لو كان الأمر إليّ لفعلت ، ولكن أميرك قد أبى ذلك.
فأقبل الحرّ حتّى وقف موقفاً من أصحابه وأخذه مثل الأفكل (٣) ، فقال له المهاجر بن أوس : والله إنّ أمرك لمريب ، ولو قيل : من أشجع أهل الكوفة؟ لما
____________
١ ـ من المقتل : وفي الملهوف : إذ عبدوا الشمس والقمر دونه.
٢ ـ من المقتل.
٣ ـ الأَفْكَل : الرعدة من برد أو خوف. « لسان العرب : ١١/ ١٩ ـ أفكل ـ ».