المصير (١).
ثمّ قال صلوات الله عليه : ادعوا لي عمر بن سعد ، فدعي له ـ وكان كارهاً لا يحبّ أن يأتيه ـ ، فقال : يا عمر ، أنت تقتلني وتزعم أنّ الدعيّ بن الدعيّ يولّيك الريّ وجرجان ، والله لا تتهنّأ بذلك أبداً ، عهد معهود ، فاصنع ما أنت صانع ، فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، ولكأنّي براسك على قصبة قد نصبت بالكوفة ، يتراماه الصبيان بالحجارة ويتّخذونه غرضاً بينهم. (٢)
فاغتاض (٣) عمر بن سعد من كلامه ، ثمّ صرف وجهه عنه ونادى بأصحابه : ما تنظرون؟ احملو عليه بأجمعكم.
قال : فدعا الحسين عليهالسلام بفرس رسول الله صلىاللهعليهوآله المرتجز ، فركبه وعبّأ أصحابه ، وزحف إليه عمر بن سعد ونادى غلامه دريداً : قدّم رايتك ، ثمّ وضع عمر سهمه في قوسه ، ثمّ رمى ، وقال : اشهدوا لي عند الأمير عبيد الله أنّي أوّل من رمى الحسين ، فرمى أصحابه كلّهم بأجمعهم ، فما بقي أحد من أصحاب الحسين عليهالسلام إلّا اصابه من سهامهم (٤)
قيل : فلمّا رموهم هذه الرمية قلّ أصحاب الحسين عليهالسلام ، وبقي القوم الّذين يذكرون ، وقتل في هذه الحملة الاُولى من أصحاب الحسين خمسون رجلاً رحمة الله عليهم (٥) ، فعندها ضرب الحسين عليهالسلام بيده إلى
____________
١ ـ انظر الأحاديث الغيبيّة : ٢/٣١١ ح ٥٧٢.
٢ ـ تيسير المطالب : ٩٥ ـ ٩٧.
٣ ـ في المقتل : فغضب.
٤ ـ في المقتل : من رميتهم سهم.
٥ ـ من قوله : « فرمى أصحابه كلّهم » إلى هنا نقله المجلسي رحمهالله في البحار : ٤٥/١٢ عن كتابنا هذا. وكذا في عوالم العلوم : ١٧/٢٥٥.