الجرح ، فلمّا امتلأت [ دماً ] (١) رمى به إلى السماء ، فما رجع من ذلك الدم قطرة ، وما عرفت الحمرة في السماء حتّى رمى الحسين عليهالسلام بدمه إلى السماء ، ثمّ وضع يده ثانياً ، فلمّا امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته ، وقال : هكذا أكون حتّى ألقى جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا مخضوب بدمي ، وأقول : يا رسول الله ، قتلني فلان وفلان.
ثمّ ضعف عليهالسلام عن القتال فوقف ، فكلّما أتاه رجل من الناس وانتهى إليه انصرف عنه [ وكره أن يلقى الله بدمه ] (٢) ، حتّى جاء رجل من كندة يقال له مالك بن النُّسَير (٣) لعنه الله فضربه بالسيف على رأسه ، وعليه بُرنُس (٤) فقطع البرنس فامتلأ دماً.
فقال له الحسين عليهالسلام : لا أكلت بها ولا شربت (٥) ، وحشرك الله مع الظّالمين ، ثمّ ألقى البرنس ولبس قلنسوة واعتمّ عليها وقد أعيى ، وجاء الكنديّ وأخذ البرنس ، وكان من خزّ ، فلمّا قدم [ به ] (٦) بعد الوقعة على امرأته فجعل يغسل الدم عنه ، فقالت له امرأته ، أتدخل بيتي سلب ابن رسول الله؟ اخرج عنّي حشى الله قبرك ناراً ، فلم يزل بعد ذلك فقيراً بأسوء حال ويبست يداه ، وكانتا في الشتاء ينضحان دماً ، وفي الصيف يصيران يابستين كأنّهما
__________________
١ و ٢ و ٦ ـ من المقتل.
٣ ـ كذا ضبطه في الكامل في التاريخ : ٤/٧٥ ، لكنّه عاد وسمّاه مالك بنَ بشير البدّي ، وذلك في ص ٢٣٩ حينما أحضره المختار رحمهالله فأمر بقطع يديه ورجليه وتُرك يضطرب حتّى مات.
وفي المقتل والملهوف : النسر ، وفي والأصل : البشير ، وفي البحار : اليسر.
٤ ـ البرنس : القلنسوة الطويلة.
٥ ـ في المقتل : لا أكلت بيمينك ولا شربت بها.