تجبر في جنبه رزيّتي ، قائلاً : يا حزني ، موضع انقضاك مماتي ، ويا وجدي خذ منتهاك وفاتي ، ويا عبرتي موضع جمودك حفرتي ، ويا زفرتي وقت جمودك منيّتي ، ويا مهجتي تصاعدي دماً بنار أحزاني من مقلتي ، ويا كبدي ذوبي بضرام أشجاني ونفسي ، فلأيّ فقيد أدّخر دمعي بعد مصابي بأحبّائي؟ وعلى أيّ شهيد أبذل جهدي بنحيبي وبكائي.
فيا من خدّت واقعة أخاديد في خدودي من ماء جفوني ، وأذابت رزّيته أحشائي فاسالتها دماً من شؤون عيوني ، أعلى أيّ قانت سواك أشقّ ثوب صبري؟ أم على أيّ هالك غيرك أهتك مصون ستري؟ وحبّك ديني ومعتقدي ، وولاؤك روحي في جسدي ، وذكرك انيس وحدتي ، ومدحك جليس خلوتي ، وخيالك في سواد مقلتي ، وجمالك في سويداء مهجتي ، أيليق البكاء إلاّ على مصيبتك؟ أم يحسن العزاء إلاّ لرزيّتك؟ هل لنبيّي سبط غيرك شهيداً فأبكيه؟ أم لولييّ قرّة عين سواك فأرثيه؟ أم للزهراء ثمرة قلب إلاّ جمال بهجتك؟ وهل لأئمة الهدى شرف إلاّ من شريف حضرتك؟
واقعتك أرخصت في سوق الأحزان عقيق عبرتي ، ومصيبتك هدّت بمعاول الأشجان قواعد تثبّتي ، وأحرقت بقوادح الأسقام مهجتي ، وأغرقت أسفاً بتناثر العبرات وجنتي ، وبدّلت برقادي سهادي ، وصيرّت الأوصاب دثاري ومهادي ، فجسمي سقيم ، وصبري عديم ، وقلبي حريق ، وطرفي غريق ، لشيبك الخضيب ، وخدّك التريب ، ونسوتك الاُسارى ، وذريتك الحيارى ، وأطفالك الّذين سقوا من ثدي الحمام قبل الفطام ، وجرعوا كؤوس الممات بمقابل الطعام ، ذكر ظعنك يطيف الأحزان بقلبي ، وتفوّر حتفك يهيج نيران الأسى غمومي وكربي ، ومصرع شبانك يذهل عقلي ولبّي ، ومقتل فتيانك