وقوله لعليّ بن الحسين عليهالسلام : أراد أبوك وجدّك أن يكونا أميرين ، فالحمد لله الّذي قتلهما وسفك دماءهما ، وإنّ أباك قطع رحمي ، وجهل حقّي ونازعني سلطاني ، إلى آخر كلامه كما أشرنا إليه من قبل ، ونصب رأس الحسين عليهالسلام على باب القرية الظالم أهلها ـ أعني بلدة دمشق ـ وإيقافه ذرّيّة الرسول على درج المسجد كسبايا الترك والخزرج ، ثمّ إنزاله إيّاهم في دار لا يكنّهم (١) من حرّ ولا قرّ حتّى تقشّرت وجوههم ، وتغيّرت ألوانهم ، وأمر خطيبه أن يرقى المنبر ويخبر الناس بمساوىء أمير المؤمنين ومساوىء الحسين عليهماالسلام وأمثال ذلك ، ثمّ هو يلعن ابن زياد ويتبرى من فعله وينتصل من صنعه ، وهل فعل اللعين ما فعل إلّا بأمره وتحذيره من مخالفته؟ وهل سفك اللعين دماء أهل البيت إلّا بإرغابه وإرهابه له بقوله ، ومراسلته بالكتاب الّذي ولّاه فيه الكوفة وجمع له بينها وبين البصرة الّذي ذكرنا لما وصل إليه الخبر بتوجّه مسلم بن عقيل إلى الكوفة وحثّه فيه على قتله ، وأمره له بإقامة الارصاد وحفظ المسالك على الحسين ، وقوله لابن زياد في كتابه : إنّه قد ابتلى زمانك بالحسين من بين الأزمان ، وفي هذه الكرّة يعتق أو يكون رقّاً عبداً كما تعبد العبيد فاحبس على التهمة واقتل على الظنّة ، الوحا الوحا ، العجل العجل ـ كما ذكرنا أوّلاً ـ.
وإنّما أظهر اللعين التبرّي من فعل ابن زياد لعنه الله خوفاً من الفتنة وتمويهاً على العامّة لأنّ أكثر الناس في جميع الآفاق والأصقاع أنكروا فعله الشنيع وصنعه الفضيع ، ولم يكونوا راضين بفعله وما صدر عنه خصوصاً من كان حيّاً من الصحابة والتابعين في زمنه كسهل بن سعد الساعدي والمنهال بن عمرو
__________________
١ ـ لا يصونهم ـ خ ل ـ.