مكيال فصلي فانشقّت هامة فؤادك ، وتبرّجتَ في بروج تيهك فهوى طارق مرادك ، رمتَ أن تكون الأعلى على جواد فصاحتي فصرت حامل الغاشية ، وأردت إخفاء فجر بلاغتي فصارت حمقتك في البلد فاشية.
لمّا أشرقت شمس فضلي كاشفة ليل الضلال بضحاها ، انشرحت صدور المؤمنين فما أحلاها في قلوبهم وأجلاها ، وما عسى أن أقول في وصف من التين والزيتون بفضله نطقت ، والدنيا والآخرة لذرّيّته خلقت؟ ناداني ربّي في سرائري : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) (١) ، وانطق بمدح وليّك فما أعلى قدر من يمدحه نطق ، بيّنه دعواك جنّة لذي معدلة ، وأقدام أعدائك عن طريق الحقّ مزلزلة ، لا تخف عاديات قارعتهم فهم الّذين ألهاهم التكاثر وحبّ الرئاسة ، وفتنتهم عصر الدنيا وطلب النفاسة ، حتّى صار كلّ منهم همزة لمزة قد جمع مالاً وعدّده ، يحسب أنّ ماله أخلده (٢) ، ( أَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) (٣).
لمّا على ربّهم تكبّروا؟ أمّا سمعوا ما حلّ بقريش لمّا على نبيّهم تجبّروا؟ صار ماعون شركهم مكفو في بدر بكفّ صاحب الكوثر ، وناداهم الحقّ سبحانه ، سحقاً لمن أصرّ على الجحد بصاحب الفتح في الأحزاب وخيبر ، وتبّاً لمن نازع من فضله مَن أهل التوحيد وفضله من فلق الصبح أشهر ، وأضحى مقدّماً عليه في الناس من لا يعادل شسع نعل عبده قنبر.
هذه الّذي أوردت ذرّة من طود دلائله ، وصببت قطرة من بحر فضائله ،
__________________
١ ـ سورة العلق : ١.
٢ ـ إشارة إلى الآيات : ١ ـ ٣ من سورة الهمزة.
٣ ـ سورة الفيل : ١.