وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل (١) السنان ، وهذه الرزيّة الّتي لا مثلها رزيّة.
أيّها الناس ، فأيّ رجالات منكم تسرون بعد قتله؟ أم ايّة عين منكم تحتبس دمعها ، وتضنّ بانهمالها؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السماوات أجمعون.
أيّها الناس ، أيّ قلب لا ينصدع لقتله؟ أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه؟ أم أيّ سمع يسمع بهذه الثلمة الّتي ثلمت في الاسلام [ ولا يصم ] (٢)؟
أيّها الناس ، أصبحنا مطرودين مذودين شاسعين (٣) عن الأمصار ، كأنّنا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الاسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين ، ( إن هذَا إلَّا اخْتِلاقٌ ) (٤) ، والله لو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم بالوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها ، وأوجعها ، وأفجعها ، وأكظّها ، وأمضّها ، وأفظعها ، وأمرّها ، وأفدحها ، فعندالله نحتسب فيما أصابنا وبلغ بنا ، إنّه عزيز ذو انتقام.
فقام صوحان (٥) بن صعصعة بن صوحان ـ وكان زمناً ـ فاعتذر إليه عليهالسلام بما عنده من زمانه رجليه ، فأجابه عليهالسلام بقبول معذرته ، وحسن
__________________
١ ـ في « ح » : العامل : ما يلي السنان.
٢ ـ من الملهوف.
٣ ـ أيّ بعيدين.
٤ ـ سورة ص : ٧.
٥ ـ كذا في الملهوف ، وفي الأصل : صفوان.