ذو حلوم وعلوم راسخات |
|
كجبال شامخات وبحور |
كم كبادٍ قطعوها نعراي |
|
بحنين وأنين وزفير؟ |
وقلوب خالصات ورقاب |
|
خاضعات لعلا الرب الغفور |
مهبط الرحمة منهم كان ربعي |
|
كلّ أن في مساءٍ وبكور |
مذ نأوا بالبعد عن إنسان عيني |
|
كثر الشامت إذ قلّ نصيري |
يا عيوني إن تكن عَزَّت دموعي |
|
فاذرفي بالدم من قلب كسير |
فنادى مجالس كراماتهم ، ومدارس تلاواتهم ، ومقامات عباداتهم ، ومحاريب صلواتهم : أين من كتب رياض الكرم بجودهم ، وحماة الامم بوجودهم؟ أين عمّارك بركوعهم وسجودهم ، وقوّامك في طاعة معبودهم؟ أين من كانت حدائق أنعمهم في فنائك مغدقة ، وجداول كرمهم في خلالك متدفّقة ، وأعلام علومهم منصوبة ، وأروقة شرفهم مضروبة؟ كم أضاءوا بمصابيح نفقاتهم ظلمتك؟ وكم آنسوا بنغمات تلاوتهم وحشتك؟ وكم أحيوا بصلاتهم ليلك ونهارك؟ وكم أناروا بنور تهجّدهم حنادس أسحارك؟
فأجابه صداها بلسان حالها ، وأخبره فناؤها بتنكّر أحوالها : رحلوا عن تقنّعي فسكنوا في بيت الأحزان قلبي ، ونأوا عن ربوعي فأطالوا لطول نواهم