كربي ، فآه فيا شوقاه لمواطىء أقدامهم على صعيدي ، آه وا أسفاه لانتقال أقمار وجوههم عن منازل سعودي ، خابني زماني بإبعادهم عنّي فأصبح باب سروري مرتجى ، وعاندني دهري إذ أسلبهم منّي فليس لي بعدهم في الخلق مرتجى ، فياكلم قلبي ذب أسفاً فمالك مأوى في رميم عظامي ، ويا سقيم جسمي مت كمداً قبل تقضّي مدّتي وأيّامي.
فيا شقوتي ، إذ لم أكن شخصاً حرباً ، وبشراً سويّاً ، أتلقّى عنهم حرّ الصفاح بحرّ وجهي ، وأمنع صدور الرماح بعرض صدري ، وأبذل النفس في طاعتهم ، وأستعذب القتل في متابعتهم ، قد جعلتني الأعداء غرضاً لمعابلها ، وحرضاً بمناصلها.
فيا لها حسرة لا تنقضي ، وحرقة لا تنطفي ، وكبتّ إذا لم يثبّتني سعدي في جرائد أنصارهم ، ولم يرقمني جدّي في دفاتر أبرارهم ، كنت محطّاً لرحالهم ، ومحبّاً لرجالهم ، ومخطاً لقبورهم ، ومغرباً لبدورهم ، أفخر بمشاهدهم على البيت الحرام ، وأسموا بمراقدهم على الركن والمقام ، قد أشرق صعيدي بدمائهم ، وشرفت تربتي بأبدانهم ، تتنزّل الملائكة والروح بالسلام عليَّ ، وتهدي تحيّاتها في صلواتها إليّ ، وينظر الجليل سبحانه بعواطف رحمته إلى زوّاري ، وينشر لطائف نعمته على عمّاري.
فآه واحزناه لفوت هذه النعمة منّي ، آه واحزناه لبعد أحبّتي عنّي ، آه وا ثكلاه لخفاء شموسي وأقماري ، آه واكرباه لانطفاء ضيائي وأنواري.
كنت لهم والبين عنّي غافلٌ |
|
في خفض عيش آمناً ريب الزمن |