أرفل في برود عزّي شامخاً |
|
أسموا بمجدهم على كلّ وطن |
اُصافح العرش بعرشي وأرى |
|
لأرتقي فضلاً على كلّ سكن |
كم غرسوا من نعم في طللي؟ |
|
وكم أفادوا منناً بعد منن؟ |
وكم هدوا في الخلق من غاوٍ عن |
|
الحقّ وساقوه إلى أهدى سنن؟ |
كانوا بحاراً للعلوم يجتنى |
|
منها جواهر الفروض والسنن |
فأصبحت غوراً وقاعاً صفصفاً |
|
كأنّها ممّا عراها لم تكن |
فحرّكت ساكنه بندبتها ، وأجرت عبرته بأنّتها ، وشاهد صلوات الله عليه منازل أحبّائه مظلمة لوحشتها ، مقفرة لخلوتها ، فكأنّي بلسان حاله قد ناجاها ، وببيان مقاله ناداها :
يا أيّها المنازل الّتي غابت عنها حماتها ، وغيّرت صفاتها ، وحلّت مرابعها ، وأقوت مجامعها ، حزني لفقد عمّارك سرمد ، ووجدي لبعد سمائك لا ينفد ، وأنباء مصيبتهم تُرسِل عبراتي ، وأحاديث محنتهم تهيّج حسراتي ، وديارهم الخالية تحرق قلبي ، وربوعهم الخاوية تُذْهِل لبّي ، وكيف لا يقدح زند الفراق نار الاشتياق في جوانحي وأحشائي ، ويفرغ فرط الغرام ثوب السقام على جوارحي وأعضائي؟