وعنه ، قال : أخبرنا ابن خشيش ، عن محمد بن عبد الله ، قال : حدّثني عليّ بن عبدالمنعم بن هارون الخديجي الكبير من شاطى النيل ، قال : حدّثني (١) القاسم بن أحمد بن معمر الأسدي الكوفي ـ وكان له علم بالسير وأيّام الناس ـ ، قال : بلغ المتوكّل أنّ أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليهالسلام ، فيصير إلى قبره منهم جماعة كثيرة وخلق عظيم فأنفذ قائداً من قواّده ، وضمّ إليه كنفاً (٢) من الجند كثيراً ليشعّث (٣) من قبره عليهالسلام ، ويمنع الناس من زيارته والاجتماع عنده.
فخرج القائد إلى الطفّ ، وعمل ما اُمر به ، وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين ، فثار أهل السواد ، واجتمعوا عليه ، وقالوا : لو قُتلنا عن آخرنا لما أمسك ما بقي منّا عن زيارته ، والاجتماع عنده ، ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا ، فكتب بالأمر إلى الحضرة ، فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم ، والسير إلى الكوفة مظهراً أنّ مسيرة إليها في مصالح أهلها ، والانكفاء إلى المصر.
فمضى الأمر على ذلك حتّى كانت سنة سبع وأربعين ، فبلغ المتوكّل أيضاً مصير الناس من أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليهالسلام ، وأنّه قد كثر جمعهم لذلك ، وصار لهم سوق عظيم ، فأنفذ قائداً في جمع عظيم من الجند ، وأمر منادياً ينادي ببراءة الذمّة ممّن زار قبره عليهالسلام ، ونبش القبر وحرثه ، وانقطع الناس عن الزيارة ، وعمل على تتبّع آل أبي طالب
__________________
١ ـ في الأمالي : حدّثني جدّي.
٢ ـ أيّ جانباً ، كناية عن الجماعة منهم.
٣ ـ يقال : شعّث منه تشعيثاً نضح عنه وذبَّ ودفع.