من أصفيائك المخلصين ، قد هجروا أوطانهم هجرة إليك ، وفارقوا بلدانهم اعتماداً عليك ، وأنفقوا أموالهم ثقة بما في يديك ، وناديتهم إلى زيارة سبط نبيّك فأجابوا بلبيّك اللّهمّ لبيّك ، قد نصبوا أنفسهم لاحتمال الأذى من العصابة الناصبة ، ووطّنوا أسماعهم لاستماع الهجر من الطائفة المارقة الكاذبة ، يقاسون في مسيرهم من أعداء الله ما الموت أيسر من (١) بعضه ، ويتحمّلون الأذى في ذات الله ممّن خفّ ميزانه يوم حسابه وعرضه ، يعيّرهم بنو الزناة بوفادتهم على وليّك وابن أوليائك ، ويوبّخهم نجل البغاة بتوجّههم إلى صفيّك وابن أصفيائك ، ويستحلّون أنفسهم وأموالهم ، ويغرّون بهم سفهاءهم وجهّالهم ، قد اعتقدوا أذى المؤمنين من أفضل الطاعات ، والوقيعة في أعراض الصالحين من أكل القربات ، وتكرار غيبتهم في لهواتهم أحلى من مكرّر القند والضرب ، والتجسّس على عوراتهم أفخر ما يقتنى ويكتسب.
اللّهمّ إنّ علماءهم وأعلامهم واُمراءهم وحكّامهم ووعّاظهم وخطباءهم قد طغوا في البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، فصبّ عليهم من قهرك سوط عذاب ، وكن لهم يا ربّ بالمرصاد.
اللّهمّ العن جبتهم وطاغوتهم ، وودّهم وسواعهم ، ولا تهم وعزاهم ، وذكرهم واُنثاهم ، ومبدأهم ومنتهاهم ، وارم بلادهم بالخميس يتلوه الخميس ، والعساكر يحقرها العساكر ، وسلّط عليهم من لا يرحم صراخهم بتضرّعهم ، ولا تقبل عشارهم بتوجّههم ، فيسومهم الخسف ، ويذيقهم الحتف ، ويفلّ غربهم ، ويذلّ صحبهم ، ويثقل أغلالهم ، ويسلب مالهم ، ويذبح أطفالهم ، ويستبيح نساءهم ، ويستعبد أبناءهم ، فإنّهم قد أهانوا أولياءك ، وأغروا أعداءك ،
__________________
١ ـ لفظ « من » أثبتناه لاقتضاء السياق.