وسأذكر من ذلك نازلةً نزلت بي وعظم لواقعها خطبي ، وتزلزل لقارعتها قلبي ، وذلك أنّ الله سبحانه كان قد منّ عليَّ في سنة تسعمائة من الهجرة بكتاب « تذكرة الفقهاء » في فقه الخاصّة ، من مصنّفات الشيخ الكامل العالم العامل أبي منصور الحسن جمال الدين بن يوسف بن المطهّر الحلّيّ أفاض الله على ضريحه شآبيب رحمته ، وحشره في زمرة نبيّه وعترته ، وكنت كلفاً به ، ملازماً له ، مثابراً على حصر فوائده ، أستأنس به في خلوتي ، وأستكشف بمطالعته غمّتي ، إلى أن تقلّبت الاُمور ، وتغيرّت الدهور ، واستبدل الله بقوم قوماً ، وبرجالٍ رجالاً ، وقضى الله لي وأحسن القضاء بجوار سيّدالشهداء ، إمام الثقلين ، وسبط سيّد الكونين ، أبي عبد الله الحسين ، وملازمة حضرته الشريفة ليلاً ونهاراً ، إلى أن دخلت سنة ثماني عشرة وتسعمائة حضر في المشهد الشريف رجل من بلدة شيراز يدعى بالسيّد شريف ، وكان له قرب من السلطان ، ثمّ نقم عليه وعزله.
وكان المذكور يظهر التشيّع ويدّعي الاحاطة بأكثر العلوم ، وفي الباطن زنديقاً يتدّين بمذهب الحكيم ، وإنّما أظهر التشيّع تقرّباً إلى السلطان رياء وسمعة ، فلمّا حضر في المشهد الشريف وكان قد أنهى إليه أمر الكتاب فطلب من الفقير شراءه منه وبذل له عنه ثمناً ، فأبى الفقير عليه ، فأغلظ للفقير في الكلام لأنّه كان من السفاهة والوقاحة والكبر والغلظة على جانب عظيم ، فأجابه الفقير بأعظم من جوابه وأعان الله عليه.
فمضى المذكور ثانياً إلى باب السلطان ، فوثب صدر الدولة وفوّض إليه أمر الحضرات والأوقاف والاُمور الشرعيّة في سائر البلاد ، فأظهر من الظلم والعسف والعدوان ما لا مزيد عليه ، ووليّ على الحضرات الشريفة في بلاد