لكن نفخ الشيطان في أنفه فصعرّ خدّه ، ونفث على لسانه من قبل أن يبلغ أشدّه ، وتلاعبت به دنياه كتلاعب الوليد بكرته ، والسنور بفويسقته ، لفرط جهله لا يخشى إله السماء ، ( إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ ) (١).
فهو علويّ لكن جدّه غير هاشميّ ، وفاطميّ لكن اُمّه ليست سيّده الفواطم ، سيفه حلمه ، قليل علمه ، شديد مكره ، عتيد غدره ، كثير طيشه ، خبيث عيشه ، قلبه بين فكيّه ، وعجبه رداء عطفيه ، يزهر ببزّته ، ويتهادى في مشيته ، ويصول على آل الرسول بظلمه ، ويجور عليهم بحكمه ، فهم منه بين خائف يترّقب ، وعازم بعد الهجرة أن يتعرّب ، خوفاً من فتنته ، وفرقاً من بادرته ، إذ هو إلى الشرّ أسرع من النجم الثاقب ، أو السهم الصائب ، ينسلخ من آيات الله كانسلاخ الحيّة من قشرها ، ويخرج عن دين الله كخروج الفويسقة من حجرها ، فهو بلعم زمانه ، وطاغوت أوانه ، قد أتبعه الشيطان فكان من الغاوين ، ( فَمَثَلُهُ كَمَثَلٍ الْكَلْبِ إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثُ أو تَتْرُكْهُ يلهث ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعلَّهُمْ يَتَفَكّرُونَ ) (٢).
اللّهمّ إنّه قد جعلنا هدفاً لانتقامه ، ونصبنا غرضاً لسهامه ، وساتحلّ ما حرمت من أموالنا ، واستباح ما حظرت من أعراضنا ، فنحن على وجل من بطشه ، وخوفٍ من طيشه ، إذا هون سعيه في البغي الوجيف ، وأطيب لفظه أنتن من الكنيف.
اللّهمّ فكمّا آتيته زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ليضلّ عن سبيلك ، ومهّدت
__________________
١ ـ سورة فاطر : ٢٨.
٢ ـ سورة الأعراف : ١٧٦.