وصفه الألسن ، واجتنوا من ثمرات شجرات دوحها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين.
ولمّا عاينوا أنهار العناية قد فجّرت خلالها تفجيراً. وأدارت ولدان المحبّة على خالص المودّة كأساً كان مزاجها كافوراً ، ارتاحت أرواحهم إلى أسير ... (١) زلال تلك الكؤوس المترعة ، وسارت منهم النفوس إلى موارد مشارع معرفة الملك القدوس مسرعة ، حتّى إذا شربوا بالكأس الروية من شراب إخلاص المحبّة ، انبسطت أرواحهم من لذة حلاوة الشربة ، وكشف لهم الغطاء عن السرّ المحجوب ، واطلعوا من أحوال البرزخ على خفيّات الغيوب.
ولمّا اطلّع سبحانه على حقيقة إخلاصهم تفرد بإحبائهم واختصاصهم ، وثبّت في مداحض الأقدام اقدامهم ، وأثبت في دفاتر الاعظام مقامهم ، وصيرهم الوسائط بينه وبين عباده ، والرسائل لأنامه في بلاده ، واصطفاهم بالعصمة التامة ، واجتباهم بالرئاسة العامّة ، فأنقذوا الجهال بإفاضة علومهم ، ووازنوا الجبال برزانة حلومهم ، ونفعوا العليل بفصيح وعظهم ، وشفوا الغليل بمبين لفظهم ، وساقوا الناس بسوط حكمهم إلى شريعة ربّهم ، ونادوا الخلق بصوت عزمهم إلى منازل قربهم ، وعادوا في الله أعداءه ، ووالوا في الحق اولياءه ، حتّى أشرقت بنور هداهم الأقطار ، وازّيّنت بذكر علاهم الأمصار ، ورفل الحق في سرابيل العزّة والافتخار ، وخطر الصدق في ميادين القوّة والاشتهار ، ويسرت معالم الايمان بمعالم علمهم ، وظهرت أحكام القرآن بواضح حكمهم ، ورسخت اصول الدين في صعيد القوّة بجدّهم ، وبسقت فروع الشرع في سماء العزّة بجهدهم ، فعلوم التوحيد منهم ينابيعها تفجرت ، وأسرار التنزيل بقوانين معارفهم ظهرت ، والعدل والحكمة صحّة استنباطهم طرائقها قرّرت.
__________________
١ ـ غير مقروءة في الأصل.