فقال الغلام : أين زيد بن علي بن الحسين هلمّ إلينا واقبض عطاءك. فقال سديف : وأين زيد بن علي بن الحسين؟ فقال السفاح : وما فعل به؟ قال : قتله هشام بن عبدالملك وصلبه في كناسة الكوفة وبقي مصلوباً أربع سنين حتى عشعشت الفاختة في جوفه ، ثم أنزلوه بعد ذلك وأحرقوه وسحقوا عظامه المحترقة وذروها في الهواء ، ثم قتلوا ولده من بعده. فقال السفاح : يا غلام اضرب على اسمه وأتنا بغيره.
فنادى الغلام : أين إبراهيم بن علي بن عبدالله بن العباس هلمّ إلينا واقبض عطاءك ، فسكت سديف ، فقال السفاح : ويلك يا سديف سكَتّ عن الجواب؟ قال : يا أمير المؤمنين إني استحي أن اخبرك بما فعل هؤلاء القوم بأخيك. فقال السفاح : سألتك بالله اما أخبرتني ما فعل بأخي. فقال : يا أمير المؤمنين قبضه رجل من هؤلاء القوم يقال له مروان ، وأدخل رأسه في جراب بقرة وركّب في أسفله كور الحدادين وأمر النافخ ينفخ والجلاد يجلد حتى ضربه عشرة آلاف سوط في ثلاثة أيام ، فبكى وصاح صيحة واحدة وأخذ قلنسوته فضرب به الأرض ونادى : يا لثارات بني عبدالمطللب يا لثارات الحسين عليهالسلام.
فخرج الغلمان من الأخبية والمخادع بأيديهم السيوف وجعلوا يضربون رقابهم ، فكان بنو أمية كلّما انحازوا إلى جانب تلقتهم الغلمان من ذلك الجانب بضرب السيوف ، فما كانت إلا ساعة حتى أتوا على آخرهم ، وقد كان خدّامهم وعبيدهم حول القصر يحفضون لهم خيولهم وينتظرون خروجهم ، وإذا هم يرون الدماء تسيل من كلّ ميزاب كأنّها السيل ، فركب كلّ منهم جواد مولاه وهرب على وجهه.
قال الراوي : وأمر عند ذلك السفاح بالأشلاء فجمعت مثل المسبطة وفرشت فوقهم الأنطاع وجلس عليها السفاح وسديف وجماعة من بني هاشم ،