الكبرى : يا عمّ امير المؤمنين ما تريد أن تصنع؟ قال : كما صنعتم ببنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قالت : يا عمّ أمير المؤمنين أترى ذلك حسن أم قبيح ؟ قال : بل قبيح ، قالت : إذاً أنت لا ترتكب القبيح (١).
قال : ودخلت إحدى نساء بني أُمية على سليمان بن علي وهو يومئذ بالبصرة يقتلهم ويصلبهم على جذوع النخل ويسقيهم الخل والصبر والرماد ، فقال : أيها الأمير إنّ العدل ليمل من الإكثار والإصرار فيه ، فكيف أنت لا تمل من الجور وقطيعة الرحم ، فأجابها شعراً :
سننتم علينا القتل لا تنكرونه |
|
فذوقوا كما ذقنا على سالف الدهر |
ثم قال : يا أمة الله أنتم أول من سنّها بين الناس ، ألم تحاربوا علياً وتدفعوه عن حقّه؟ ألم تسمّوا حسناً وتنقضوا شرطه ، ألم تقتلوا حسيناً وتسيّروا رأسه؟ ألم تسبّوا علياً على منابركم؟ ثم قال لها : هل من حاجة فتقضى لك؟ قالت : نعم قبض
__________________
(١) (فائدة) قال ابن الأثير : وفي هذه السنة قتل مروان بن محمد وكان قتله ببوصير ، من أعمال مصر في كنيسة من كنائس النصارى وكان مختفيا بها لثلاث مضين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة وعمره تسعاً وستين سنة ، قتل بعد أن نازل عسكرالعباسيين ، قال الراوي : وكان قد حمل رجل على مروان فطعنه وهو لا يعرفه ، وصاح صائح : صرح أمير المؤمنين فابتدروه ، فسبق إليه رجل من الكوفة ، كان يبيع الرمّان فاحتز رأسه وبعث به إلى صالح ، فلمّا وصل إليه أمر أن يقص لسانه فقطع لسانه ، وأخذه فقال صالح : ماذا ترينا الأيام من العجائب والعبر ، هذا لسان مروان قد أخذه هرّ ، قال الشاعر :
قد فتح الله مصر عنوة لكم |
|
وأهلك الفاجر الجعدي إذ ظلما |
فلاك مقوله هرّ يجزّره |
|
وكان ربّك من ذي الكفر منتقما |
قال الراوي : وأرسل الرأس إلى أبي العباس بالكوفة فلمّا رآه سجد ثم رفع رأسه وقال : الحمدلله الذي أظهرني عليك وأظفرني بك ولم يبق لي ثاري قبلك وقبل رهطك أعداء الدين ثم تمثّل :
لو يشربون دمي لم يرو شاربهم |
|
ولا دماؤهم للغيض ترويني |