العقائد الإسلامية برمتها مضطرة إلىٰ
ترسّم فكره وروحه باعتبار أنه فكر الإسلام وروحه.
وإذا كان على المسيرة الإسلامية المعاصرة
بكل فصائلها أن تستمد مقوماتها الأساسية من فكر الإسلام ومبادئه ، فكيف يمكنها أن تضبط
مواقع خطواتها في مسرح الحياة ، وهي لم تعرف بعدُ قيمة وصية النبي صلىاللهعليهوآله ؟
إن الجهل بأهميتها وضرورتها في تلك المسيرة
، نذير بالابتعاد الكلي عن الخط الرسالي الواضح الذي أراده النبي صلىاللهعليهوآله لأُمته في وصيته.
وأمّا منعها أو تجميدها تمهيداً إلى إلغائها
من الفكر الديني والتطبيق الواقعي بحجة فوات أوانها ! فإنما هو دعوة إلى إلغاء دور
الدين من واقع الحياة ، أو شلّ حركته وتعطيله من أن يأخذ مداه الرحب في حركة الواقع
، وموقعه الكبير في صلب المسيرة الإسلامية المعاصرة. وعلى العكس تكون المحافظة عليها
باستمرار وجودها محافظة على الدين فكراً وشريعة وعقيدة ، وإحياءً للحق ، وإعلاناً بالتزامه
كمنهجٍٍ في الحياة ؛ باعتبار كون الوصية المعبّر الواقعي عن قوة الرسالة فاعليتها في
رسم معالم الطريق. الأمر الذي يتطلب اعادة النظر في تقييم تلك المسيرة وتشخيص أخطائها
باكتشاف نوع العلاقة القائمة بين تأثيرات العهدين الجاهلي والإسلامي الأول في عدم فسحهما
المجال أمام وصية النبي صلىاللهعليهوآله
، لتأخذ دورها كما ينبغي ، وتقف الأمة على منابع خيرها ، وتعرف مطالع نورها في حاضرها
ومستقبلها ، وحينئذٍ ستُدرَك قيمة الأساليب التي استخدمها أهل البيت عليهمالسلام ومن سار بركبهم من الجيل الطلائعي الأول
في كيفية المقاومة لألوان التحدّي التي جابهتها وصية النبي في ميدان الصراع السياسي
بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآله .
وكتاب « وصية النبي صلىاللهعليهوآله » علىٰ صغر حجمه استطاع أن يضع الوصية
في مكانها الفسيح من الفكر الديني ، مسلّطاً الضوء على تاريخها ، متتبعاً جذورها وحيثياتها
في العهد النبوي الشريف ، وما جرىٰ مجراها على لسان النبي صلىاللهعليهوآله في تأكيد وحصر الأمر بعليّ عليهالسلام دون سواه ، مع العناية في وسائل إثبات اُفقها
السياسي ، ومحاولات الالتفاف حولها أو التشكيك في مضمونها وجدواها ، ونحو ذلك مما مرّ
عليها ولها ، حتىٰ جاء بالحقيقة الكاملة ـ لمن أراد معرفتها ـ من القرآن ، والحديث
، والسيرة ، والتاريخ ، والأدب. آملين أن يؤدّي دوره المطلوب في وعي الأمة.