الدعوة الإسلامية حين
نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ
الأَقْرَبِينَ)(١)
فكان علي ابن أبي طالب عليهالسلام
دون غيره من أفراد الأمة ، ولم يزل بعد ذلك يكرّر وصيته ويؤكّدها بعهود لفطية كثيرة
سنذكرها في الفصل الثاني من هذا البحث.
وأراد صلىاللهعليهوآله
وهو في المحتضر أن يكتب وصيته إلىٰ علي عليهالسلام
تأكيداً لعهوده اللفظية السابقة ، وتوثيقاً لنصوصه القولية عليه ، فقال صلىاللهعليهوآله : « ائتوني بداوة وقرطاس أكتب لكم كتاباً ، لن تضلوا
بعدي أبداً » فتنازعوا ولا ينبغي
عند نبيّ تنازع فقالوا : ما شأنه أهجر ، أو إن رسول الله غلبه الوجع ، وعندها علم صلىاللهعليهوآله أنه لم يبقَ بعد قولهم هذا أثر لذلك الكتاب
غير الفتنة والاختلاف ، فقال لهم : « قوموا عنّي »
أو « دعوني فالذي
أنا فيه خير »(٢) واكتفىٰ بعهوده اللفظية وبلاغاته
السابقة بلفظ الوصية تارة ، والولاية اُخرىٰ ، والخلافة أو الإمامة ثالثة ، وبالنصّ
الصريح على الوصية لأمير المؤمنين عليهالسلام.
قال الشاعر :
أوصى النبي فقال قائلهم
قد ظلّ يهجر سيدُ البشرِ
ورأى أبا بكر أصاب ولم
يهجر وقد أوصى إلى عمرِ
٣ ـ العقل
من الضرورات العقلية أن يحرص كلّ رسول على
الرسالة التي بُعث بها ،
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦
/ ٢١٤ ، وسيأتي الحديث في الفصل الثاني.
(٢) راجع : صحيح البخاري
ـ ٧ : ٢١٩ / ٣٠ ـ كتاب المرضىٰ ـ باب قول المريض : قوموا عنّي ـ عالم الكتب ـ
بيروت ١٤٠٦ ه ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ ، ١٢٥٩ ـ كتاب الوصية ـ باب ٥ ، مسند أحمد ١ :
٢٢٢ و ٣٢٤ ـ دار الفكر ـ بيروت.