فيقيم عليها وصياً وقيماً
بوحي من الله سبحانه حتىٰ لا تضيع الرسالة بموته ، وإلا يلزم نقض الغرض من رسالته
والجهود التي بذلها في دعوة الناس إليها ، ونقض الغرض من أي ذي عقل قبيح فكيف من سيّد
العقلاء والحكماء ؟
إن العقل يحيل علىٰ نبينا الخاتم صلىاللهعليهوآله أن يترك أمر دينه واُمّته هملاً دون أن
يبيّن قوله الفصل في تعيين الوصي الذي يعهد إليه بالخلافة ؛ ذلك لأنّ الدين لم يزل
في تباشير دعوته غضاً طرياً ، فلو ألقى الحبل على الغارب لترتّب على ذلك ما لا يحمد
عقباه بسبب ميول الأهواء ، واختلاف الآراء المؤدية إلى الوقوع في الفتنة والتنازع والفساد.
يقول السيد عبد الله شبّر : إن العقل السليم
يحيل على الله ورسوله الكريم صلىاللهعليهوآله
مع كونه المبعوث إلىٰ كافة الأنام ، وشريعته باقية إلىٰ يوم القيامة أن
يهمل اُمّته ، مع نهاية رأفته وغاية شفقته بهم وعليهم ، ويترك فيهم كتاباً في غاية
الاجمال ونهاية الاشكال ، له وجوه عديدة ومحامل كثيرة ، يحمله كلّ منهم علىٰ
هواه ورأيه وأحاديث كثيرة عن صاحب الرسالة صلىاللهعليهوآله
فيها الصحيح والمكذوب ، والضعيف والموضوع ، ثم لا يعين لهذا الأمر الخطير رئيساً يرجعون
إليه في هذه المشكلات ، ويركنون إليه في سائر الأمور.
وإن العقل ليحكم باستحالة ذلك في شرع
الله تعالى وحكمته ، ولقد قرّب الله سبحانه ذلك من أفهام الناس ، فأوجب الوصية علىٰ
كلّ مسلم إذا حضره الموت ، لكي لا يدع أهله في اختلاف وتخاصم في إرثه ومتروكاته ، فكان
لابدّ من وصية تضمن فضّ هذا النزاع إن أمكن حصوله.
فكيف تصور الحال إذن مع اُمّة كاملة ، ونبيها
آخر الأنبياء ؟
وهل يستسيغ العقل أن يتركها الله تعالى ورسوله
بلا إمام موصى إليه ،