فى تلك الدلائل بإلقاء الشبهات ، ثم هددهم بضروب من التهديد ، فهددهم بقوله : «لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا» وبقوله : «اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» وبقوله : «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ» إلخ.
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا) أي إن الذين يميلون عن الحق فى حججنا تكذيبا بها وجحودا لها ـ نحن بهم عالمون لا يخفون علينا ، ونحن لهم بالمرصاد إذا وردوا علينا ، وسنجازيهم بما يستحقون.
ولا يخفى ما في ذلك من شديد الوعيد كما يقول الملك المهيب : إن الذين ينازعوننى فى ملكى أعرفهم ولا شك ، فهو يريد تهديدهم وإلقاء الرعب في قلوبهم.
ثم بين كيفية الجزاء والتفاوت بين المؤمن والكافر فقال :
(أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ؟) أي أفمن يلقى في النار لإلحاده بالآيات ، وتكذيبه للرسول خير أم من آمن بها ، وجاء يوم القيامة من الآمنين حين يجمع الله الخلائق للعرض عليه والحكم بينهم بالعدل؟ لا شك أنهما لا يستويان.
وظاهر الآية العموم وتمثيل حالى المؤمن والكافر ، وقيل المراد بمن يلقى في النار أبو جهل ، وبمن يأتى آمنا النبي صلّى الله عليه وسلم.
وعن بشير بن تميم قال : نزلت في أبى جهل وعمار بن ياسر.
وبعد أن أبان لهم عاقبة الملحدين بالآيات والمؤمنين بها ، هددهم بقوله :
(اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) فقد علمتم مصير المسيء والمحسن ، فمن أراد أحد الجزاءين فليعمل له فإنه ملاقيه.
(إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أي إنه بأعمالكم ذو خبرة وعلم لا تخفى عليه خافية منها ولا من غيرها ، وهو مجازيكم بحسب أعمالكم.