(٣) (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) أي يلقى الوحى بفضائه على من يشاء من عباده الذين يصطفيهم لرسالته ، وتبليغ أحكامه إلى من يريد من خلقه.
ونحو الآية قوله : «يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ» وقوله : «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ».
(لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ. يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) أي لينذر بالعذاب يوم يلتقى العابدون والمعبودون ، يوم هم ظاهرون لا يكنّهم شىء ، ولا يسترهم شىء.
(لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) فيعلم ما فعله كل منهم ، فيجازيه بحسب ما قدمت يداه ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
ونحو الآية قوله : «يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ».
ثم ذكر ما يقال عند بروز الخلق للحساب والجزاء فقال :
(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) أي يقول الرب تعالى : لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد ، فيجيب سبحانه فيقول : لله الواحد القهار أي هو الواحد الذي لا مثل له ، القهار لكل شىء سواه بقدرته ، الغالب بعزته. وقيل : المجيب هم أهل المحشر ، فقد روى أبو وائل عن ابن مسعود قال : يحشر الناس على أرض بيضاء مثل الفضة لم يعص الله عز وجل عليها ، فيؤمر مناد ينادى (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟) فيقول العباد مؤمنهم وكافرهم (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) يقول المؤمنون هذا الجواب سرورا وتلذذا ، ويقوله الكافرون غمّا وانقيادا وخضوعا.
وبعد أن ذكر صفات قهره في ذلك اليوم ـ أردفها بيان صفات عدله وفضله فقال :
(الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) أي اليوم يثاب كل عامل بعمله ، فيلاقى أجره ، ففاعل الخير يجزى الخير وفاعل الشر يجزى بما يستحق ، لا يبخس أحد