وفى هذا تهديد عظيم لهم وتوكل على الله عز وجل وأنه هو الذي يجزيه بحسن صنيعه ويجزيهم بسوء صنيعهم ، وفيه إيماء إلى أنه لا يدع التبليغ لتظاهرهم عليه.
ثم بيّن عجزه عن شئون نفسه بعد عجزه عن شئون غيره فقال :
(قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ ، وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ، إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ) أي قل : إنى لن يجيرنى من الله أحد من خلقه إن أراد بي سوءا ، ولن ينصرنى منه ناصر ، ولا أجد من دونه ملجأ ولا معينا ، لكن إن بلغت رسالته وأطعته أجارنى.
والخلاصة ـ إنى لن يجيرنى من الله أحد إن لم أبلغ رسالاته.
وبعدئذ بيّن جزاء العاصين لله ورسوله فقال :
(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) أي ومن يعص الله فيما أمر به ، ونهى عنه ، ويكذب برسوله فإن له نارا يصلاها ما كثا فيها أبدا إلى غير نهاية ، ولا محيد عنها ولا خروج منها.
ثم سلى رسوله وسرّى عنه وعيّرهم بقصور نظرهم عن الجن مع ادعائهم الفطنة ، وقلّة إنصافهم ومبادهتهم بالتكذيب والاستهزاء ، بدل مبادهة الجن بالتصديق والاستهداء فقال.
(حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) أي ولا يزالون يستضعفون المؤمنين ويستهزئون بهم ، حتى إذا رأوا ما يوعدون من فنون العذاب فيستبين لهم من المستضعفون؟ المؤمنون الموحدون لله تعالى ، أم المشركون الذين لا ناصر لهم ولا معين؟.
وقصارى ذلك ـ إن المشركين لا ناصر لهم ، وهم أقلّ عددا من جنود الله عزّ وجل.
ونظير الآية قوله : «حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ».