وعن البراء بن عازب قال : إن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياما وقعودا ومضطجعين وعلى أي حال شاءوا.
وبعد أن وصف طعامهم ولباسهم ومسكنهم ـ وصف شرابهم وأوانيه فقال :
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا. قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) أي يدير عليهم خدمهم كؤوس السراب والأكواب من الفضة.
وقد تكوّنت وهى جامعة لصفاء الزجاجة وشفيفها ، وبياض الفضة ولينها ، وقد قدّرها لهم السقاة الذين يطوفون عليهم للسقيا على قدر كفايتهم وريهم ، وذلك ألذّ لهم وأخف عليهم ، فهى ليست بالملأى التي تفيض ، ولا بالناقصة التي تغيض.
والخلاصة ـ إن آنية أهل الجنة من فضة بيضاء فى صفاء الزجاج ، فيرى ما فى باطنها من ظاهرها.
أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس أنه قال : «ليس فى الجنة شىء إلا قد أعطيتم فى الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة». ولا منافاة بين كون الأوانى من الفضة ، وبين كونها من الذهب كما ذكر فى قوله : «يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ» لأنهم تارة يسقون بهذه ، وتارة يسقون بتلك.
وبعد أن وصف أوانى مشروبهم وصف المشروب نفسه فقال :
(وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) أي ويسقى الأبرار فى الجنة خمر ممزوجة بالزنجبيل ، وقد كانوا يحبون ذلك ويستطيبونه ، كما قال المسيّب بن علس يصف رضّاب امرأة :
وكأن طعم الزنجبيل به |
|
إذ ذقته بسلاقة الخمر |
(عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) أي ويسقون من عين فى الجنة غاية فى السلاسة وسهولة الانحدار فى الحلق ، قال ابن الأعرابى : لم أسمع السلسبيل إلا فى القرآن ، وكأن العين إنما سميت بذلك لسلاستها وسهولة مساغها اه ، ومنه قول حسان بن ثابت :
يسقون من ورد البريص عليهم |
|
كأسا يصفّق بالرحيق السلسل |