(١) (فَقالُوا : إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) أي قالوا لقومهم حين رجعوا إليهم كما جاء فى قولهم : «فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ» إنا سمعنا كتابا بديعا يهدى إلى الحق وإلى الطريق المستقيم ، فصدقنا به ، ولن نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك بالله.
(٢) (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) أي وإنهم كما نفوا عن أنفسهم الإشراك بالله نزهوا ربهم عن الزوجة والولد ، لأن الصاحبة تتخذ للحاجة إليها ، ولأنها من جنس الزوج كما قال : «خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها» ، والولد للتكثر والاستئناس به ، والحاجة إليه حين الكبر وبقاء الذكر والشهرة كما قال :
وكم أب علا بابن ذر اشرف |
|
كما علت برسول الله عدنان |
والله سبحانه منزه عن ذلك ، تعالى ربّنا علوا كبيرا.
والخلاصة ـ علا ملك ربنا وسلطانه أن يكون ضعيفا ضعف خلقه الذين يضطرهم الشهوة إلى اتخاذ صاحبة أو ملامسة يكون منها الولد.
(٣) (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) أي وإن الجهال من الجن كانوا يقولون قولا بعيدا عن الصواب ، بنسبة الولد والصاحبة إليه تعالى.
(٤) (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً) أي وأنا كنا نظن أن لن يكذب أحد على الله تعالى ، فينسب إليه الصاحبة والولد ، ومن ثم اعتقدنا صحة قول السفيه ، فلما سمعنا القرآن علمنا أنهم كانوا كاذبين ، وهذا منهم بإقرار بأنهم إنما وقعوا فى تلك الجهالات بسبب التقليد ، وأنهم إنما تخلصوا منها الاستدلال والبحث.
(٥) (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) أي وأن رجالا من الإنس كانوا يستعيذون فى الفقر برجال من الجن ، فزادوا الجن بذلك طغيانا وغيّا ، بأن أضلوهم حتى استعاذوا بهم.